سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة السادسة والعشرون: تفاوت العقول في النظر إلى الحقائق والتشريعات

 

سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

الحلقة السادسة والعشرون: تفاوت العقول في النظر إلى الحقائق والتشريعات

 

لا شك أن الناس يتفاوتون في نظرتهم إلى حلول المشاكل، وتقنين تلك الحلول، فلو سألت الناس عن رأيهم بالحل الأمثل لعلاقة الرجل بالمرأة، لوجدت تنوعا في الإجابات يتشكل نتيجة تدخل الثقافات، والعادات والبيئة، والأهواء والرغبات، والنظرات الآنية للمصالح، وتفاوت قدرات العقول قوة وضعفا، وتقديرها للضرر والنفع، وتفاوت تقدير العقول للكيفيات التي تحقق المصالح، وتفاوت فهم العقول لانسجام القوانين مع نسيج القانون العام في الدولة وتحقيقه لمنظومة القيم والمقاصد التشريعية، وغير هذا من العوامل التي لا ينكر وجودها،

وبالتالي فإنه من المستحيل أن يجمع البشر، أو أغلبهم، على تشريع قانون واحد، علاوة على مجموعة قوانين تحكم كل جوانب حياتهم، وهنا يترك موضوع سن القوانين للدولة، والتي بدورها تترك موضوع سن القوانين للفقهاء القانونيين، فالتشريع في الأنظمة الوضعية على الحقيقة هو نتاج عقول قِلَّةٍ من المحامين والقضاة وفقهاء القانون، لا نتاج إرادة الشعب، ولا نتاج ما تراه الجماعة أو أكثرها محققا لمصالحها، وسننظر الآن في قدرة تلك القلة[1] من الناس على سن القوانين التي تحق الحق، وتضمن العدل، وتحقق المصالح، وتنسجم مع المقاصد العليا للمجتمع وقيمه، وهكذا!


[1] ألا ترى معي مقدار الخطورة في وضع سن دستور الدولة، وتحديد المقاصد التي يرادها للمجتمع، وسن القوانين التي تخضع لهذا كله في يد قلة من المحامين، والقضاة وفقهاء القانون؟ تحدد هذه المجموعة القليلة للناس شكل مجتمعهم ودولتهم القانوني، والقيم التي يريدون لهم أن يعيشون لها، ويأتي غيرهم من القضاة بعد حين، فيكتشفون أخطاء وقع بها الأولون، فيغيرون، وهكذا وضعت أخطر مسألة في يد قلة تتقلب ذات اليمين وذات الشمال! ثم يأتيك علماني يقول لك: ننادي بتحكيم القوانين البشرية! فتلك القلة لديه أقدر على التشريع من رب العالمين! ﴿سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾! ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾!

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة