جريدة الراية: ماذا تعني لي الخلافة؟

 

2020-03-18

جريدة الراية: ماذا تعني لي الخلافة؟

 

 

سألوني.. ماذا تعني لكِ الخلافة؟

 

تزاحمت الكلمات وتتابعت العبارات في ذهني، بحيث لم أدر كيف أبدأ وماذا أقول؟

 

الخلافة هي الوعد والبشرى، هي الأمل الذي لأجله يكون العمل، هي الأمن والأمان في زمن ساده الظلم والفساد والفجور.

 

الخلافة هي الأم الحانية والأب الراعي الذي يظلل على أولاده ساعيا لرفاهيتهم، ساهرين حتى يناموا باطمئنان.

 

هي المنقذ والحامي الذي لا يترك رعيته أيتاما على موائد اللئام.

 

هي العزة والشرف، هي الكرامة والشموخ بالإسلام ودولة الإسلام، فهي سيادة العقيدة الإسلامية تطبيقاً، وعودة الفهم الصحيح للإسلام وأحكامه ومفاهيمه وتحكيم شرائعه في كل مناحي الحياة.

 

هي الرعاية والمسؤولية الحقيقية عن الأمة تطبيقا فعليا لحديث رسول الله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه».

تسعة وتسعون عاماً مضت ونحن بدونها أيتام؛ بلا أب ولا أم، بلا راعٍ ولا حامٍ.

 

تسعة تسعون عاماً مضت ونحن تائهون، ضائعون، ذليلون، منهوبون.

 

كل ما حولنا يقول، بل يصرخ: أريد الخلافة، أحتاج الخلافة، أتوق للخلافة.

 

النظام السياسي ونظام الحكم، النظام الاجتماعي، النظام الاقتصادي، نظام التعليم، وكل مناحي الحياة.

 

فلسطين تنادي عليها، الأقصى المبارك، المظلومون والمضطهدون، الأسرى والمعتقلون، الفقراء والمساكين، العمال والكادحون… الأسواق، المدارس، الطرقات، الأمهات، الآباء،… بل أظن كل بشر وشجر يحنّ إلى الخلافة على منهاج النبوة.

 

أين منا دولة الخلافة لتحرر البلاد والعباد وتقطع دابر الأعداء، وترفع عن المسلمين الظلم في بلاد الإسلام وغير بلاد الإسلام، وتطيح بالحكام العملاء وأعوانهم وأذنابهم، وتقضي على الفساد بكل أنواعه وأشكاله وصفاته؟!

 

أين منا دولة الخلافة لتعود للمسلمين قوتهم وعزتهم التي كانت ترهب الأعداء وتهز عروش ملوكهم وبطاركهم، بدل الذل والمهانة التي نعيش بها؟!

 

إن أردنا الذهاب من بلد إسلامي إلى آخر – هذا إذا سُمح لنا بدخوله – نحتاج وقتاً وأوراقاً وإجراءات كثيرة معقدة لها بداية وأحيانا ليس لها نهاية، مع أنه لا يفصل بينها إلا حدود سياسية مصطنعة وحكام رويبضات يتحكم فيهم الغرب الكافر المستعمر لاستمرار سيطرته على بلاد المسلمين وثرواتهم ومقدراتهم، والتحكم في عقولهم وأرزاقهم.

 

فكيف بنا في دولة الخلافة مثلما كانت دولة واحدة تضم كل البلاد والأمصار، يحكمها حاكم واحد بأحكام الإسلام وشريعته؟! فنتناول الإفطار في فلسطين ونحتسي القهوة في مصر أو أوزبيكستان، ونجتمع بأهلنا في الأردن أو السودان، وربما في تركستان الشرقية أو كشمير أو أفغانستان في يوم واحد.

 

ألا يتوق كل منا أيها المسلمون لذلك بدل تشتتنا في كل بلد لا نرى بعضنا إلا كل بضع سنين، أو لعلنا لا نجتمع أبدا؟!

 

يمرض أحدنا أو تصيبه علة، فيموت قبل أن يجد مستشفى أو علاجاً، وإن وجد، يكون بعد سلسلة طويلة من الإجراءات والتعقيدات والتكاليف، ولا تكون العناية كما يجب.

 

وإن أراد أحدنا التعليم الجامعي أو أكثر ولم يكن من أهل المال أو النفوذ أو المحسوبيات والمتملقين، ولو كان من المتفوقين فلا يجد له مكاناً بين أولاد هؤلاء.

 

وإن كان فقيراً لا يجد قوت يومه فحدث ولا حرج عن سوء وضعه وذله ومهانته، وفي أيام الشتاء البارد لا يجد وقودا يدفئ به بيته وأهله وأولاده.

 

فأين منا دولة الخلافة التي يكون فيها التطبيب والتعليم مجاناً للجميع، وتوفير الحاجات الأساسية من مأكل وملبس ومسكن، لكل فرد بعينه  من واجباتها؟!

 

أين منا الخلافة لتعيد للمرأة مكانتها وكرامتها وعزتها ملكة متوجة في بيتها، على ولي أمرها واجب رعايتها وتوفير طلباتها، وإن أرادت العمل فلها ذلك. بدل وضعها الحالي في ظل النظام الرأسمالي الجشع من استغلال ومهانة والنظرة لها كجسد أكثر منها إنساناً كاملاً كرمه الله. ويخدعونها بعبارات وبرامج براقة عن الحقوق والتمكين الاقتصادي وتغيير دورها من ربة بيت تصنع الرجال إلى معيل لنفسها وأولادها؟!

 

أين منا الخلافة تقضي على الرأسمالية بما فيها من استغلال ونفعية ومبادئ فاسدة بعيدة عن الدين والشرع؟! وتقضي على الفساد الأخلاقي وتغلق كل ما يؤدي إليه من فضائيات ومواقع إنترنت وبرامج وجمعيات مأجورة…؟!

 

ألم أقل لكم إن كل ما حولنا يتوق وينتظر الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟!!

 

فهذا قليل مما تعنيه لي دولة الخلافة… وأسأل الله جل وعلا أن تعود قريبا وأن نكون من شهودها وجنودها.

 

بقلم: الأستاذة مسلمة الشامي (أم صهيب)

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة