المادة -62-

المادة 62 –  الجهـاد فرض على المسـلمين، والتدريب على الجـنـدية إجباري فكل رجل مسلم يبلغ الخامسة عشرة من عـمـره فرض عليه أن يتدرب على الجندية استعداداً للجهاد، وأما التجنيد فهو فرض على الكفاية.

دليلها الكتاب والسنة، قال تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)) [البقرة 193]، وقال تعالى: ((فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ)) [التوبة 12]، وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» أخرجه أحمد والنسائي، واللفظ للنسائي، وصححه النسائي والحاكم ووافقه الذهبي. وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ذُرْوَةُ سَنَامِ الإِسْلاَمِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أخرجه أحمد. ولما كان القتال اليوم لا بد له من تدريب عسكري حتى يتأتى القيام به على الوجه المطلوب شرعاً من قهر العدو وفتح البلدان، كان هذا التدريب فرضاً كالجهاد، عملاً بالقاعدة الشرعية: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) لأن طلب القتال يشملها، إذ هو عام ((وَقَاتِلُوهُمْ))، فهو أمر بالقتال، وأمر بما يمكن من القتال، وفـوق ذلك فإن الله تعـالى يـقـول: ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)) [الأنفال 60]، والتدريب والخبرة العسكرية العالية هي من الإعـداد للـقـوة؛ لأنها لا بد من توفرها للتمكن من القتال، فهي من الـقـوة التي تعد كالعتاد والمهمات ونحوها. وأما التجنيد، وهو جعل الناس جـنـوداً في الجيش تحـت السلاح بشكل دائم، فإنه يعني إيجاد مجاهدين قائمين فعلاً بالجهاد وبما يتطلبه الجهاد، وهذا فـرض؛ لأن القيام بالجهاد فرض دائم مستمر، سواء أهاجمنا العدو أم لم يهاجمنا، ومن هنا كان التجنيد فرضاً على الكفاية.

وأما أن الجهاد فرض على المسلمين وليس فرضاً على غيرهم من رعايا الدولة، فلأن القتال المفروض في آيات الجهاد هو قتال لجنس الكفار، وهذا لا يتأتى من الكافر، وعليه فلا يكون الجهاد بهذا المعنى فرضاً على غير المسلمين، إلا أنه يجوز لرعايا الدولة من غير المسلمين أن يقاتلوا العدو مع المسلمين، لأن قزمان وهو مشرك خرج يقاتل المشركين مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ولم يمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما كونه فرضاً على الرجال دون النساء فلما أخرجه أحمد وابن ماجه من طريق عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ قَالَ: «نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لاَ قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ».

أما تحديد العمر بخمس عشرة سنة، فللحديث الذي أخرجه البخاري من طريق نافع قال: «حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي» قال نافع: (فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهـو خليفة، فحـدَّثته هـذا الحـديـث، فقال: إن هذا لحدٌّ بين الصغير والكبير، وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرة). أي يقدِّروا لهم رزقاً في ديوان الجند.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة