المادة -102-

المادة 102 – بيت المال دائرة تتولى الواردات والنفقات وفق الأحكام الشرعية من حيث جمعها وحفظها وإنفاقها. ويسمى رئيس دائرة بيت المال (خازن بيت المال)، ويتبع هذه الدائرة إدارات في الولايات ويسمى رئيس كل إدارة (صاحب بيت المال).

بيت المال علم مركب تركيباً إضافياً. يطلق ويراد به المكان الذي تحفظ فيه واردات الدولة ريثما يتم إنفاقها، ويطلق ويراد به الجهة التي تختص بقبض وإنفاق ما يستحقه المسلمون من مال.

وحيث إننا نتبنى – كما بينا سابقاً – أن يولَّى الوالي ولايةً خاصةً دون الجـيش والقـضـاء والمال؛ فعليه كان للجـيـش كله دائـرة مركـزية (أمير الجهاد)، وللقضاء كله دائرة مركزية (القضاء)، ويكون كذلك للمال كله دائرة مركزية (بيت المال)؛ ولذلك فإن (بيت المال) جهاز مسـتـقـل عن أي جهاز آخر من أجهزة الدولة، يتبع الخليفة كما يتبعه أي جهاز آخر من أجهزة الدولة.

هذا بالإضافة إلى أن الأدلة متضافرة على أن بيت المال كان تابعاً للرسول صلى الله عليه وسلم مباشرةً، أو الخليفة، أو من يولَّى عليه بإذنه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر بنفسه أحياناً خزن المال، وكانت له خزانة. وكان يباشر قبض المال، وتوزيعه، ووضعه مواضعه. وأحياناً كان يولي غيره هذه الأمور. وكذلك كان يفعل خلفاؤه الراشدون من بعده، حيث كانوا يتولون بأنفسهم أمور بيت المال أو ينيبون عنهم غيرهم.

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع المال إما في المسجد، كما روى البخاري عن أنس قال: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ» وإمّا في حجرة من حجر زوجاته، كما روى البخاري عن عقبة قال: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَـيْئًا مِنْ تِـبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». وإما في خزانته كما روى مسلم عن عمر وفيه: «… فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ … فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ. قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْـنَايَ قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَمَا لِي لاَ أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلاَّ مَا أَرَى؟ …». والقَرَظُ: ورق شجر السَّلَم أو ثمر شجر السَّنط يعتصَر منه. والأَفِيقُ: الجلد لَم يتم دباغه (القاموس المحيط).

وفي عهد الراشدين صار المكان الذي يحفظ فيه المال يسمى بيت المال، ذكر ابن سعد في الطبقات عن سهل بن أبي حثمة وغيره: «أن أبا بكر كان له بيت مال بالسنح ليس يحرسه أحد، فقيل له: ألا تجعل عليه من يحرسه؟ قال: عليه قفل. فكان يعطي ما فيه حتى يفرغ. فلما انتقل إلى المدينة، حوّله فجعله في داره». وروى هناد في الزهد بإسناد جيد عن أنس قال: «جاء رجل إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، احملني فإني أريد الجهاد، فقال عمر لرجل: خذ بيده فأدخله بيت المال يأخذ ما يشاء …». وفي السنن الكبرى للبيهقي، وصححه ابن حجر عن عبد الله بن وديعة قال: «كان سالم مولى أبي حذيفة مولى لامرأة منا يقال لها سلمى بنت يعار، أعتقته سائبة في الجاهلية، فلما أصيب باليمامة، أتي عمر بن الخطاب بميراثه، فدعا وديعة بن خذام فقال: هذا ميراث مولاكم وأنتم أحق به، فقال: يا أمير المؤمنين قد أغنانا الله عنه، قد أعتقته صاحبتنا سائبة، فلا نريد أن نندى من أمره شيئاً، أو قال نرزأ، فجعله عمر في بيت المال». وروى البيهقي والدارمي، وصححه ابن حزم «أن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي وجد عيبة، فأتى بها عمر بن الخطاب فقال: عرفها سنة، فإن عرفت فذاك، وإلا فهي لك، فلم تعرف. فلقيه بها القابل في الموسم فذكرها له، فقال عمر: هي لك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك. قال: لا حاجة لي فيها، فقبضها عمر فجعلها في بيت المال». وروى الدارمي وابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: «مات مولى على عهد عثمان ليس له وال، فأمر بماله فأدخل بيت المال». وروى ابن عبد البر في الاستذكار عن أنس بن سيرين «أن علياً كان يقسم الأموال حتى يفرغ بيت المال، فيرش له، فيجلس فيه».

هذا بالنسبة للإطلاق الأول أي المكان. أما الإطلاق الثاني أي الجهة، فالذي يدعو إليه هو أن المال أحياناً لا يؤوى في بيت، كالأراضي، وآبار النفط، والغاز، وجبال المعادن، وأموال الصدقات التي تؤخذ من الأغنياء فتصرف للمستحقين دون أن تؤوى بيتاً. وقد كانوا يستعملون «بيت المال» بمعنى الجهة أحياناً، ولا يمكن أن يراد به المكان، وذلك كما روى البيهقي في السنن، وأحمد في المسند، وعبد الرزاق في مصنفه، عن لاحق بن حميد «وبعث ابن مسعود على القضاء وعلى بيت المال» ولا يمكن أن يكون عمر بعثه بواباً على بيت المال، وإنما على الجهة بحيث يقبض وينفق. وبهذا المعنى ما رواه ابن المبارك في الزهد عن الحسن، عندما جاء أمراء البصرة مع أبي مـوسـى الأشـعـري، وطلبوا من عمر أن يفرض لهم طعاماً، فقال لهم في ختام كلامه: «يا معشر الأمراء قد فرضت لكم من بيت المال شاتين وجريبين» والمقصود الجهة.

والمتصرف بواردات بيت المال ونفقاته هو الخليفة. فقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرع عثمان لجيش العسرة في حجره، روى أحمد والترمذي وقال حسن غريب والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي عن عبد الرحمن بن سمرة قال: (جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي ثَوْبِهِ حِينَ جَهَّزَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَيْشَ الْعُسْرَةِ قَالَ فَصَـبَّهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَلِّـبُهَا بِيَدِهِ وَيَقُولُ: «مَا ضَرَّ ابْنَ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ» يُرَدِّدُهَا مِرَارًا). وكان أحياناً يتولى القسمة بنفسه، ففي حديث أنس عند البخاري «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ … فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلاَّ أَعْطَاهُ … فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ». وكذلك تولى أبو بكر قسمة مال البحرين بنفسه، روى البخاري عن جابر قال: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قَدْ جَاءَنِي مَالُ الْبَحْرَيْنِ، لَقَدْ أَعْطَيـْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا»، فَلَمْ يَجِئْ حَـتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْـتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَا لِي ثَلاَثاً …). وفي حديث سفيان الثقفي المار في العيبة التي التقطها وعرفها: «فقبضها عمر فجعلها في بيت المال». وروى الشافعي في الأم قال: «أخبرنا غير واحد من أهل العلم، أنه لما قدم على عمر بن الخطاب بما أصيب بالعراق قال له صاحب بيت المال أنا أدخله بيت المال. قال: لا ورب الكعبة لا يؤوى تحت سقف بيت حتى أقسمه، فأمر به فوضع في المسجد، ووضعت عليه الأنطاع، وحرسه رجال من المهاجرين والأنصار، فلما أصبح غدا معه العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف، آخذاً بيد أحدهما، أو أحدهما آخذ بيده، فلما رأوه كشفوا الأنطاع عن الأموال. فرأى منظراً لم ير مثله، رأى الذهب فيه والياقوت والزبرجد واللؤلؤ يتلألأ فبكى. فقال له أحدهما: إنه والله ما هو بيوم بكاء، ولكنه يوم شـكـر وسرور. فقال: إني والله ما ذهبتُ حيث ذهبتَ، ولكنه ما كثر هذا في قـوم قـط إلا وقع بأسهم بينهم. ثم أقبل على القبلة، ورفع يديه إلى السـماء وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجاً، فإني أسمعك تقول ((سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ)) [الأعراف 182] ثم قال: أين سراقة بن جعشم؟ فأتي به أشعر الذراعين دقيقهما، فأعطاه سواري كسرى، فقال: البسهما، ففعل. فقال: قل الله أكبر. قال: الله أكبر. قل: الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابياً من بني مدلج. وجعل يقلب ذلك بعصا فقال: إن الذي أدى هذا لأمين. فقال له رجل: أنا أخبرك، أنت أمين الله، وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله، فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت، ثم فرّقه». وقد مر حديث عبد الله بن عمرو عند الدارمي «مات مولى على عهد عثمان ليس له وال، فأمر بماله فأدخل بيت المال»، وحديث أنس بن سيرين في الاستذكار «أن علياً كان يقسم الأموال حتى يفرغ بيت المال، فيرش له، فيجلس فيه».

وأحياناً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يولي أحد أصحابه القسمة، أو يستعمله على بعض شؤون المال، ففي حديث عقبة عند البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ذَكَرْتُ شَـيْئًا مِنْ تِـبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». وفي حديث ابن شهاب عند ابن شبة بإسناد حسنه الحافظ بن حجر العسقلاني والمنذري والهيثمي: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ خِزَانَةَ بِلاَلٍ الَّتِي يَضَعُ فِيهَا الصَّدَقَاتِ، فَوَجَدَ فِيهَا صُبْرَةً مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا التَّمْرُ يَا بِلاَلُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذْتُهَا لِنَوَائِبِكَ. قَالَ: أَفَأَمِنْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَلَهَا فِي جَهَنَّمَ بُخَارٌ؟ أَنْفِقْ وَلاَ تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إَقْلاَلاً أَوْ إِقْتَاراً» وفي هذا الحديث أيضاً: «إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه كَانَ يَلِي صَدَقَاتِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ بِلاَلٌ رضي الله عنه يَلِي صَدَقَاتِ الثِّمَارِ، وَكَانَ مَحْمِيَّةُ بْنُ جُزْءٍ يَلِي الخُمْسَ». وقال خليفة: «وعلى نفقاته بلال». وروى ابن حبان في الصحيح عن عبد الله بن لحي الهوزني قال: «لَقِيتُ بِلاَلاً مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا بِلالُ، كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ، وَكُنْتُ أَنَا الَّذِي أَلِي ذَلِكَ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ حَـتَّى تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ فَرَآهُ عَارِياً يَأْمُرُنِي فَأَنْطَلِقُ فَأَسْـتَقْرِضُ فَأَشْـتَرِي الْبُرْدَةَ أَوْ النَمِرَةَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ …». وروى مسلم عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْـتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ خِيَارًا رَبَاعِيًا، فَقَالَ: أَعْطِهِ إِيَّاهُ، إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَـنُهُمْ قَضَاءً». وفي حديث ابن عباس المتفق عليه «قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: … فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَـتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْـلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْـنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ». وعند مسلم عن أبي هريرة «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ».

وسار خلفاؤه الراشدون سيرته، فكانوا يستعملون غيرهم على المال وشؤونه، روى ابن اسحق وخليفة قالا: «وقد وَلَّى – أي أبو بكر – أبا عبيدة بن الجراح بيت المال، ثم وجهه إلى الشام». وفي ترجمة معيقيب قال الذهبي «واستعمله أبو بكر وعمر على بيت المال». وفي البداية والنهاية لابن كثير عن عبد الله بن الزبير: “أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم استكتب عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث وكان يجيب عنه الملوك وبلغ من أمانته أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب ويختم على ما يقرأه لأمانته عنده وكتب لأبي بكر وجعل إليه بيت المال وأقره عليهما عمر بن الخطاب”. وروى ابن سعد في الطبقات، وابن حجر في الإصابة، أن عمر كان خازنه يسار بن نمير مولاه. وروى أحمد في مسنده، وعبد الرزاق في المصنف، عن لاحق بن حميد قال: «وبعث ابن مسعود على القضاء وبيت المال» يعني إلى الكوفة. وروى خليفة عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم «أن عمر ولى عبد الله بن أرقم بيت المال». وأخرج ابن خزيمة في صحيحه عن عروة بن الزبير «أن عبد الرحمن بن عبد القاري كان في عهد عمر بن الخطاب مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال …». وروى ابن حجر في الفتح عند الكلام في مناقب عبد الله بن مسعود: «وولي بيت المال في الكوفة لعمر وعثمان». وذكر الجهشياري في الوزراء والكتاب: «وكان عبد الله بن أرقم ابن عبد يغوث أحد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم يتقلد له بيت المال» يعني لعثمان. وقال الحاكم في المستدرك عن الزبير بن بكار: «كان عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث على بيت المال في زمن عمر وصدراً من ولاية عثمان إلى أن توفي وكانت له صحبة». وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: «كان زيد بن ثابت على بيت المال في خلافة عثمان، وكان لزيد عبد اسمه وهيب، فأبصره عثمان يعينهم في بيت المال، فقال: من هذا؟ فقال زيد: مملوك لي. فقال عثمان: أراه يعين المسلمين، وله الحق، وأنا أفرض له، ففرض له ألفين. فقال زيد: والله لا تفرض لعبد ألفين، ففرض له ألفاً». وذكر الصدفي في كتاب معرفة علماء مصر ومن دخلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وسار أبو رافع بعد ذلك إلى علي بن أبي طالب، فولاه بيت مال الكوفة». وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: «كان عبيد الله بن أبي رافع خازناً وكاتباً لعلي». وذكر العيني في عمدة القاري: «أن عبد الله بن وهب السوائي كان عليّ يكرمه ويحبه ويثق به وجعله على بيت المال بالكوفة». واستعمل علي على البصرة زياداً، قال الجهشياري: «فلما سار عن البصرة استعمله على الخراج والديوان».

ويمكن تقسيم بيت المال إلى قسمين:

قسم الواردات: ويشمل ثلاثة دواوين:

ديوان الفيء والخراج: ويشمل الغنائم، والخراج، والأراضي، والجزية، والفيء، والضرائب.

ديوان الملكية العامة: ويشمل النفط، والغاز، والكهرباء، والمعادن، والبحار، والأنهار، والبحيرات، والعيون، والغابات، والمراعي، والحمى.

ديوان الصدقات: ويشمل زكاة النقود، وعروض التجارة، والزروع والثمار، والإبل، والبقر، والغنم.

وقسم النفقات: ويشمل ثمانية دواوين:

ديوان دار الخلافة.

ديوان مصالح الدولة.

ديوان العطاء.

ديوان الجهاد.

ديوان مصارف الصدقات.

ديوان مصارف الملكية العامة.

ديوان الطوارئ.

ديوان الموازنة العامة، والمحاسبة العامة، والمراقبة العامة.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة