المادة -123-

المادة 123 –  سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع عند النظرة إلى إشباع الحاجات فَـيُجْـعَـلُ ما يجب أن يكون عليه المجتمع أساساً لإشباع الحاجات.

هذه المادة مستنبطة من عدة أدلة، والحكم الشرعي كما يستنبط من دليل واحد يستنبط كذلك من عدة أدلة. فهي مستنبطة من تحديد ملكية الأشياء بكيفية مخصوصة، ومن تحديد أسباب الملك بأسباب معينة، ومن تحديد تنمية الملك بكيفية معينة، ومن تحريم بعض الأشياء وبعض الأعمال. فأدلة هذه الأمور الأربعة تستنبط منها سياسة الاقتصاد.

وسياسة الاقتصاد التي استُنبطت من هذه الأدلة هي أن النظرة إلى الثروة من حيث كونها تشبع حاجة يجب أن تكون مقرونة بالحكم الشرعي في هذه الثروة ومبنية عليه. فيعتبر القمح من الثروة والعسل من الثروة لأن الله أباح كلاً منهما، ولا يعتبر الحشيش من الثروة ولا الخمر من الثروة لأن الله حرم كلاً منهما، ويعتبر المال الذي يشترى والمال الذي يؤخذ أجرة من الثروة لأن الشرع أباح كسبه في كل من هاتين الحالتين، ولا يعتبر المال المسروق ولا المال الذي يكسب بعقد باطل من الثروة لأن الشرع حرم كلاً منهما. فالحكم الشرعي يجب أن ينظر إليه عند النظرة إلى إشباع الحاجات، ويجب أن يكون هو الأساس للنظرة إلى كون الثروة تشبع حاجة، أي الأساس الذي يجري عليه إنتاج الثروة واستهلاكها. وهذا هو معنى ما جاء في المادة من أن سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع عند النظرة إلى إشباع الحاجات. إذ ما يجب أن يكون عليه المجتمع، أي ما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الناس هو تقيد هذه العلاقات بالأحكام الشرعية وسيرها بحسبها. فيجب أن تكون النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع أي إلى تقيده بالأحكام الشرعية موجودة عند النظرة إلى إشباع الحاجات، سواء بإنتاج الثروة أم باستهلاكها، بحيث تكون مقرونة بها ومبنية عليها. فالأصل في الثروة في نظام الإسلام حتى تعتبر مادة اقتصادية يصح إنتاجها، ويصح استهلاكها، هو ما يجب أن يكون عليه المجتمع، أي هو تقيد العلاقات بين الناس بالحكم الشرعي. وعلى أساسه ينظر إليها من حيث كونها تشبع حاجة للإنسان، أو للفرد، أو للمجموع. وعلى هذا الأساس يجري الإنتاج والاستهلاك.

وإنه وإن كان هذا الأساس وهو التقيد بالحكم الشرعي جاء عاماً في وجـوب تحكيم الحكم الشرعي في كل عمل من أعمال المسلم، إلا أن الشرع لم يكتف بالنسـبة لسـياسة الاقتصاد بالأدلة العامة من مثل قوله تعالى: ((وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) بل جاء بأدلة تفصيلية خاصة بالثروة من حيث توفيرها، ومن حيث قضاء الحاجات بها. وهي أدلة تحديد كيفية التملك، وتحديد أسباب الملك، وتحديد تنمية الملك، وتحريم بعض الأشياء، وبعض الأعمال. فتكون سياسة الاقتصاد في الإسلام ليست مبنية على النظرة إلى الثروة فقط من حيث كونها تشبع حاجة، بل هي إلى جانب ذلك كون هذه الثروة مباحة، وكون الحاجة التي تشبعها مباحة. أي هي بناء هذه النظرة إلى الثروة على تقيد العلاقات بين الناس بالأحكام الشرعية.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة