المادة -172-

المادة 172 –  الغاية من التعليم هي إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. فتجعل طرق التعـلـيم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع كل طريقة تؤدي لغير هذه الغاية.

واقع هاتين المادتين هو أن معنى سياسة التعليم هو القاعدة أو القواعد التي يجري على أساسها إعطاء المعلومات. وأما الغاية من التعليم فهي الهدف الذي يرمي إليه إعطاء المعلومات. فسياسة التعليم هي الأسس التي ينبني عليها، وغاية التعليم هي القصد الذي يقصد من القيام به. فسياسة التعليم تتعلق بمواد الدراسة وغاية التعليم تتعلق بطرق التدريس. وواقع الإنسان أنه يدرك الأشياء والأفعال فيحكم عليها، ويدرك الأشياء والأفعال فيميل إليها، ولا يخرج عن هذين الأمرين. وواقع المعرفة أنها لا تخلو من أن تكون معارف لتنمية العقل ليحكم على الأفعال والأشياء، ومعارف عن نفس الأفعال والأشياء لينتفع بها، ولا تخرج عن هذين الأمرين. والإسلام قد جعل العقيدة الإسلامية أساساً لحياة المسلم، فجعلها أساساً لأفكاره، وجعلها كذلك أساساً لميوله. وآيات القرآن، وأحاديث الرسول التي تثير الفكر، من مثل قوله تعالى: ((وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)) [آل عمران 191] وقول الرسول: «تَفَكُّرْ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ» القرطبي في التفسير، إنما تثيره للإيمان بالله، وآيات القرآن وأحاديث الرسول التي تذكر الميول من مثل قوله تعالى: ((قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ)) [التوبة 24] إلى قوله: ((أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)) [التوبة 24] وقوله عليه الصلاة السلام: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» متفق عليه من حديث أنس، إنما تذكرها ميولاً مقيدة بالعقيدة الإسلامية. ولهذا لا بد أن يكون حكم المسلم على الأفعال والأشياء مبنياً على أساس العقيدة الإسلامية، وكذلك لا بد أن يكون ميله للأفعال والأشياء مبنياً على أساس العقيدة الإسلامية. ولما كانت المعارف هي التي تكون عقليته من حيث الحكم على الأشياء، وهي التي تكون نفسيته من حيث الميل للأشياء، لذلك لا بد أن تكون هذه المعارف كلها مبنية على العقيدة الإسلامية، سواء المعارف التي تؤخذ لتنمية العقل، أو المعارف التي تؤخذ للانتفاع بالأفعال والأشياء، أي لا بد أن تكون المعارف التي تكون عقلية المسلم مبنية على العقيدة الإسلامية، وكذلك لا بد أن تكون المعارف التي تكون نفسيته مبنية على العقيدة الإسـلامية. وعلى هذا الأسـاس لا بد أن تكون سياسة التعليم تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية. فمن واقع المعرفة من حيث هي، ومن مجموع الآيات المتعلقة بالفكر والمتعـلقة بالميول وتنـزيلها على واقع المعرفة استنبطت سياسة التعليم، ووُضعت المادة الواحدة والسبعون ومائة بناء على هذا الدليل.

أما المادة الثانية والسـبعون ومائة فإنها أخذت من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في تعليمه للمسـلمين، سواء في مكة قبل الهجرة أو في المدينة بعد الهجرة، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يقصد من تعليمهم أن يصبح كل منهم شـخصية إسـلامية في عقليته ونفسـيته، أي في حكمه على الأفعال والأشياء، وفي ميله إليها. فعلاوة على تعليمهم الأحكام التي تعالج شؤون حياتهم كان يعلمهم القيم الرفيعة، من مثل طلب رضوان الله، ومثل العزة، ومن مثل تحمل مسؤولية نشر الهدى للناس، وهدايتهم إلى الإسلام، بطريقة مؤثرة، وبأساليب منتجة قال تعالى: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل 125] وكان يحفظهم القرآن ويعلمهم أحكام الإسلام ويأخذهم باتباع الأوامر واجتناب النواهي، وكان إلى جانب ذلك يبيح لهم أن يتعلموا ما يحتاجون إليه لمعاشهم من تجارة وزراعة وصناعة. فكان فعل الرسول هذا الذي كون به الشخصية الإسلامية وجعلها تتزود بالمعارف التي تلزمها لشؤون الحياة بإباحة ذلك لها هو دليل هذه المادة.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة