هل حدد الرسول ﷺ طريقةً لإقامة الدولة الإسلامية؟ – فهل هناك طرق أخرى لقيام الدولة غير هذه الطريقة؟

هل حدد الرسول ﷺ  طريقةً لإقامة الدولة الإسلامية؟

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

(الحلقة الثامنة والثلاثون – فهل هناك طرق أخرى لقيام الدولة غير هذه الطريقة؟)

للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنـا

 

يقول الدكتور المطيري متابعا:

“ومن جهة أخرى فإن الفرق واسع بين إقامة الدولة النبوية – حيث هاجر النبي ﷺ  من مكة دار الشرك إلى المدينة بعد دخول أهلها بالإسلام، وبيعتهم له وهو في مكة على نصرته – وإقامة الخلافة التي لا تقام أصلا إلا في دار الإسلام حيث أهل الإسلام متوافرون، ولا يحتاج المسلمون فيها إلى البحث عن النصرة من أحد آخر [1]كي يقيم معهم الخلافة، بل الواجب عليهم جميعا إقامتها وإلا أثموا جميعا، فلو فرض أن أهل الشوكة من المسلمين اليوم تداعوا لإقامتها، ونجحوا في إقامتها، لكان هذا كاف في حقهم، فقياس الخلافة وأحكامها، على إقامة الدولة الإسلامية، قياس مع الفارق، أو قياس فاسد الاعتبار، إذ إقامة الدولة بمثابة البناء للأصل، بينما الخلافة محافظة على هذا الأصل[2]، فليست طريقة إقامة الدولة كطريقة إقامة الخلافة، على فرض أن لهما طريقة محددة، وعلى فرض أنها تعبدية، وعلى فرض أنه لا يسوغ الاجتهاد فيها[3].

والمقصود بأن الدولة الإسلامية، في أصل قيامها، احتاجت إلى دعوة أهل الشرك للدخول في الإسلام، ثم احتاجت إلى عرض نفسها على القبائل لحمايتها ونصرتها، حين لم يستجب أهل مكة للدعوة، ثم احتاجت للبيعة على الإيمان، كما في بيعة العقبة الأولى، ثم احتاجت إلى البيعة على الحرب، كما في بيعة العقبة الثانية، ثم احتاجت إلى الهجرة من دار الشرك إلى دار التوحيد والإيمان والإسلام، ثم إقامة الدولة وتأسيس أركانها، وبسط نفوذها..الخ للظروف الخاصة التي أحاطت بها، حيث الدار دار كفر وشرك، والمسلمون قلة مستضعفون، حتى وجدوا النصرة من أهل المدينة، فآووهم ونصروهم، وليس بالضرورة أن تكون تلك الظروف هي نفسها التي تحول اليوم بين الأمة وعودة الخلافة من جديد، إذ للاحتلال الأجنبي دور رئيسي هنا، فالواجب على الأمة دفعه، وتحرير نفسها وأرضها منه، ومن أتباعه وأشياعه[4]، ولعل اسم (حزب التحرير) دليل على الحاجة إلى تحرير الأمة من الاحتلال الأجنبي الذي يحول بين الأمة والخلافة والعودة للإسلام  وأحكامه!

فإقامة الخلافة في دار الإسلام وبين ظهراني أهل الإسلام حيث يبلغ عددهم مليار ونصف، لا تحتاج إلى شيء مما احتاجته الدعوة النبوية في مكة، فالخلافة عقد بين الأمة والإمام في دار الإسلام على إقامة أحكام الله، وسياسة شئون الأمة، فلا تحتاج إلى دعوة أحد إلى الإسلام، ولا أن تعرض على القبائل، ولا تحتاج إلى بحث عن نصرة..الخ! بل تحتاج إلى أن يجتمع أهل الإسلام من خلال من يمثلهم ليختاروا خليفتهم، ويعقدوا عقد البيعة له، عن اجتهاد وتشاور ونظر كما فعل الصحابة يوم السقيفة، وكما فعل المسلمون بعد ذلك حين استقرت الخلافة في عصور كثيرة، حيث يبايع أهل الحل والعقد والعلماء الخلفاء الذين توافرت فيهم الشروط، كما هو حال كثير من خلفاء بني العباس، وخلفاء بني عثمان[5].

فإذا كان المسلمون قد افترقوا بسبب الاستعمار إلى دول وشعوب، فالواجب عليهم بعد تحررهم من الاحتلال الخارجي وعميله الداخلي، أن يبادروا لتوحيد الأمة، وإقامة الخلافة الواحدة، وتكون حكوماتهم –القطرية – التي اختاروها بالرضا والشورى هي بمثابة أهل الحل والعقد الذين يمثلون الأمة، فيقيمون الخلافة التي تجمع شتات الأمة وتوحد بينهم[6]“. انتهى قول الدكتور المطيري.

أقول وبالله تعالى التوفيق:

حين وفد ممثلو مجتمع المدينة (يثرب) على الرسول ﷺ في العقبة وبايعوه بيعة العقبة الأولى، ثم أرسل معهم مصعبا بن عمير رضي الله عنه ليعلمهم الإسلام وينظر في أمورهم ويراسل الرسول ﷺ، ومن أعماله الخالدة أخذ النصرة من سعد بن معاذ رضي الله عنه زعيم قومه، وما كان من سعد رضي الله عنه في فرض النظام الجديد في المدينة، كل هذا إنما تم بناء على أساس طلب النصرة من الأنصار، ولذلك سماهم الله تعالى  بالأنصار،

نعم تقبل المجتمع المدني الإسلام بسرعة، ولم يمر المسلمون فيه بمراحل الاستضعاف والقهر، إلا أن الأساس هو أن يتقبل المجتمع الإسلام، سواء كان هذا التقبل بعد صراع مرير أم كان بمجرد لفت النظر إلى صحة الدين وإقامة براهينه، فالصراع الفكري والكفاح السياسي وسائل للطريقة وليست هي الطريقة[7]، لذلك يصار إليهما حين يحتاج إليهما، وهذا مسطور في نشرات الحزب وكتبه منذ أمد بعيد، فالتفاعل هو الطريقة، والعمل السياسي والعمل الفكري من الطريقة، لكن الصراع الفكري والكفاح السياسي أساليب، فالصراع والكفاح لهما مدلول فيه التحدي الصارخ مع ملحقات هذا التحدي… وهذه أساليب، لذلك لم يُحتج لمثلهما في المجتمع المدني المقبل على الإسلام طواعية، واحتيج لهما في المجتمع المكي.

فالتغيير في المدينة لم يحصل بغير التفاعل مع المجتمع، وحمل الفكر، كما كان يفعل مصعب رضي الله عنه، ولم يكتف الرسول ﷺ بمن بايعه في بيعة العقبة الأولى، بل أرسل معهم المعلم وحامل الدعوة مصعب الخير، وكانت له مواقف معروفة، أفضت لقبول رؤساء المجتمع وقادته ومن لهم الكلمة النافذة فيه للإسلام،

لقد كان ثلث المجتمع المدني مسلما، وثلثه مشركا، وثلثه من اليهود حين قامت الدولة، إلا أن الثلث الأول هو صاحب الكلمة الفصل، أي الفئة الأقوى، وهو الذي أعطى النصرة، فقامت الدولة، وهذا يتفق تماما مع فلسفة التغيير وطريقته التي شرحناها بإسهاب، ولا تدل على طريقة أخرى، ولا على أنه لا بد للمجتمع من أن يحارب الدعوة، ولا بد للمجتمع من أن يعذب حملتها، لم نقل ذلك، ولذلك ففي حال الأمة الإسلامية اليوم، فإنها تختلف عن الوضع في مكة في أمور وتشاركه في أمور -كما بيّن حزب التحرير في كتابه القيم: نداء حار إلى المسلمين من حزب التحرير- حيث ورد فيه:

“وهنا يقع السؤال: ماذا تنفع أفكار الإسلام في العالم الإسلامي والكفر قد عمّ جميع أرجائه، فالعلاقات بين الأفراد تعالَج بقوانين الكفر، والعلاقات بين الدول القائمة فيه وبين رعاياها تقوم على أساس أحكام الكفر[8]، والمسلمون أنفسهم تتحكم في عقولهم ونفوسهم أفكار الكفر[9]، فماذا تستطيع أفكار الإسلام أن تفعل والكفر مُطبِق من جميع النواحي ولم يبق الإسلام إلاّ في المساجد والمصاحف وعند الأقلية من المسلمين؟

والجواب على ذلك أن أي مجتمع في الدنيا يعيش الناس فيه داخل جدارين سميكين يمنعان الأفكار والمشاعر الغريبة عنه من أن تتسرب إليه، أحدهما الجدار الخارجي وهو جدار العقيدة الأساسية أي الفكرة الكلية عن الكون والإنسان والحياة وعما قبلها وما بعدها وعلاقتها بما قبلها وما بعدها. والجدار الثاني هو جدار الأنظمة التي تعالج علاقات الناس وطريقتهم في العيش. فإذا أريد قلب هذا المجتمع من قِبل أهله أنفسهم وتغييره تغييراً جذرياً فلا بد من مهاجمة الجدار الخارجي أولاً وبالذات بالعقيدة الجديدة، وربط الهجوم على الجدار الخارجي بهجوم على الجدار الداخلي. إلاّ أنه لا بد أن يكون هذا الهجوم مبنياً على الأفكار التي يهاجَم بها الجدار الخارجي. فهذا الهجوم يوجِد صراعاً فكرياً بين الأفكار القديمة والأفكار الجديدة ويحصل فيه الكفاح السياسي حتى يتحطم الجدار الخارجي، وبتحطيمه يتحطم الجدار الداخلي ويحصل الانقلاب الفكري والشعوري، فيكون الانقلاب السياسي، أي يتغير المجتمع كله، أي يتغير الحكم والنظام وسائر العلاقات. وهذا ما حاوله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مجتمع مكة وما فعله في مجتمع المدينة. وهذا يحتاج إلى قوى غير عادية فكرية وجسمية حتى نستطيع نسف مثل هذا المجتمع.

أمّا المجتمع الآن في البلاد الإسلامية فإنه ليس فيه إلاّ جدار  واحد هو الجدار الداخلي، وهذا لا يحتاج تغييره إلى إزالة الجدار كله بالهجوم الفكري، بل يكفي فتح ثغرة فيه للدخول داخله لتسلم الحكم فيُنسف حينئذ من الداخل مرة واحدة نسفاً انقلابياً ما دام الجدار الخارجي غير موجود، لأن الصعوبة هي في إزالة الجدار الخارجي، ولا يمكن الدخول في المجتمع إلاّ بنسفه كله قبل الدخول. ولكن ما دام الجدار الخارجي غير موجود فإن العمل أسهل بكثير مما لو كان موجوداً.

ولهذا فالمسألة لا تحتاج إلاّ إلى مهاجمة الأفكار والأحكام التي يقوم بها الجدار الداخلي وبيان الأفكار والأحكام الإسلامية التي هي عقيدة الأمّة لتعود الثقة بها، وحينئذ سهلٌ أن تُفتح الثغرة ويُنسف المجتمع. ولهذا فالعمل ليس بث الأفكار الإسلامية في مجتمع كافر، بل بث الأفكار الإسلامية لمسلمين في مجتمع غير إسلامي، أو بعبارة أخرى ليست المسألة دعوة كفار لاعتناق الإسلام وإنّما هي دعوة مسلمين للعمل للإسلام وبالإسلام عن طريق بث أفكار الإسلام والكفاح في سبيلها، وهي وإن كانت صعبة وشاقة ولكنها وحدها المنتِجة وهي أسهل بكثير من العمل في مجتمع كفار.

نقول: صحيح أن العقيدة الإسلامية موجودة عند الأمة، والأُمة أُمة مسلمة وليست كافرة، ولكن هذه العقيدة فقدت علاقتها بأفكار الحياة وأنظمة التشريع، فغاضت منها الحيوية وصارت عقيدة جامدة بل عقيدة ميتة، ولم يعد لدى المسلمين ذلك الحافز الحاد الذي دفعهم لفتح الدنيا وحكم البشر ونشر الهدى وحمل لواء العدل والحق،بل إن هذه العقيدة عندهم فقدت ذكر الله والتطلع إليه والاستعانة به، واتجهت نحو النظرة إلى الخلق واستمداد العون من البشر وأخذ القوة من المال. بل إن هذه العقيدة فقدت في نفوس المسلمين تصور يوم القيامة، وفقدت الخوف من وعيد الله وعذابه، وفقدت الشوق إلى الجنة والحنين إلى نعيم الآخرة، فقدت المثل الأعلى وهو نوال رضوان الله، وحصرت همها في كسب متاع الدنيا، فصار شوقها إلى منزل فخم وفراش وثير وسيارة فارهة، وصار حنينها إلى متع زائلة كالمال والجاه والسلطان، وصار مثلها الأعلى تحقيق رغباتها المادية وإرضاء من بيدهم تحقيق هذه الرغبات، ولذلك سكتت هذه الأمة على سيادة أنظمة الكفر على المسلمين وبقاء عملاء الكفر في سدة الحكم وضياع أراضي المسلمين ومقدساتهم. هذه العقيدة الإسلامية حتى عند المتهجدين بالليل والصائمين تطوعاً بالنهار، والمتحرجين عن ارتكاب المعاصي والمحرمات لا تعني عندهم إلا هذه الأعمال، وينصرفون بعدها إلى الدنيا وجدها. ولم يعد التقيد بحكم الله كما جاء من عند الله هو المسيطر على الأمة ولم يعد لرفع كلمة الله وجعلها هي العليا في أعمالهم أي وجود، ولا في تفكيرها أي نصيب.

لهذا كله كان لزاماً على حملة الدعوة الإسلامية ورجالات الدولة من العمل الدؤوب لبعث الحياة المتألقة في العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين باعتبار الأفكار والأحكام التي انبثقت عنها وحياً من الله، جاء بها جبريل عليه سلام الله علاجاً لأفعال العباد وإسعادهم، أي لا بد أن نجعل الأمة الإسلامية اليوم تتجه في حياتها على أساس العقيدة الإسلامية وتقيم الحكم والسلطان عليها، ثم تعالج المشاكل اليومية بالأحكام المنبثقة عن هذه العقيدة أي الأحكام الشرعية بوصفها فقط أوامر ونواه من الله، لا بأي وصف آخر، أي حتى تنطق قلوب أبناء هذه الأمة قبل ألسنتهم، بأن أفكار الإسلام وأحكامه هي أكبر مبرر لوجودنا جميعاً، وأن إخلاصنا لها يجب أن يرتفع على كل إخلاص، وأن ولاءنا لها يجب أن يرتفع على كل ولاء، فإذا نطقت قلوبهم بهذا ومثله وصار الله ورسوله أحب إليهم مما سواهما، فإنه حينئذ تكون الفكرة التي تجمع الأمة كافة وتقوم عليها الدولة وتنبثق عنها القوانين والأحكام التي تضبطهم قد أوجدت الحياة النضرة في الأمة وحصلت عندها النهضة الصحيحة.

إذن: فليست القضية قضية استلام حكم، وإنما القضية هي استئناف الحياة الإسلامية، ولا يمكن وضع العجلة قبل الحصان!

بالعودة إلى كتاب “نداء حار” نقرأ: “إلاّ أنه يجب أن يُعلم أن أعداءنا الكفار  لن يتركوننا نعمل لإنهاض الأمّة الإسلامية وإقامة الخلافة الإسلامية، أي لن يمكنونا من إعادة الثقة بصحة أفكار الإسلام وأحكامه وصدقها وصلاحيتها بل لا بد أن يَحُولوا بيننا وبين القيام بهذا العمل بشتى الطرق ومختلف الأساليب. فإنهم ما زعزعوا ثقة الأمّة الإسلامية بأفكار دينها وأحكامه إلاّ من أجل تدمير دولتها وإفنائها هي إفناءً تاماً. وقد انتصروا في ذلك الانتصار الساحق، فدمروا الدولة الإسلامية وساروا بالأمّة الإسلامية في طريق الفناء حتى أشرفت على هذا الفناء بين عشية وضحاها. فهل يسمحون لها بأن تعود أمّة إسلامية تقوم عليها الخلافة الإسلامية وتظللها راية الإسلام لتستأنف أداء رسالتها بحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم؟ إنهم لن يمكنوها من ذلك وسيحاربونها أشد المحاربة، فلا بد من القيام بالعمل جبراً عنهم بكفاحهم وكفاح عملائهم وإيجاد الرأي العام بل الوعي العام الذي يكتسحهم أمامه. لذلك فإن الصعوبة ليست في بث أفكار الإسلام للمسلمين لإنهاض الأمّة وإقامة الدولة، بل الصعوبة في الصبر على كفاح الكفار والمنافقين في سبيل بث أفكار الإسلام.[10]” انتهى.

لذلك فأقل ما يقال في طرح الدكتور المطيري أعلاه هو أنه لا يلتفت لطبيعة الصراع بين الكفر والإيمان، وبين الكافر المستعمر وأذنابه وعملائه وإعلامه وسلطانه، وبين الأمة التي تريد أن تنعتق من هذا كله، فهذا صراع مرير ويحتاج لجهود كثيفة وأعمال خارقة، ولا يجوز تصوير الأمر على أن الأمة تقوم عن بكرة أبيها فتبايع خليفة فتقوم الخلافة!

بل حتى تقوم الأمة لتفعل هذا أنت بحاجة لجهود جبارة لتوصل الأمة إلى ما وصلت إليه من قناعات اليوم، نعم لقد أضحت الخلافة بحمد الله تعالى  رأيا عاما جارفا في الأمة، ولذلك فإن تصور أن ما بينها وبين الخلافة إلا أن تبايع الخليفة، تصور صحيح، بشرط أن تكسر شوكة الكيانات التنفيذية القائمة في الأمة، وهذا الأمر ليس بالهين، وإن ما يراه الدكتور المطيري -حفظه الله- حوله من رأي عام، إنما نتيجة أعمال مضنية سبقته فيها صراع فكري وكفاح سياسي، وسجون، وقهر وتعذيب، جراء التزام الطريقة، ولم يأت بين ليلة وضحاها!

تابع الدكتور المطيري قائلا:

5- ثم إن الادعاء بأن فعل النبي ﷺ  – في دعوته من أجل إقامة دولته – يقتضي الوجوب، يحتاج إلى دليل ناهض[11]، إذ غايته أن يدل على الاستحباب في الاقتداء بطريقته في إقامة الدولة، ولا دليل على تحريم الطرق الأخرى.” انتهى.

التعقيب: لقد أجبنا على هذه النقطة في نهاية فصل: فلسفة: الفكرة والطريقة من منظور الشرع، فراجعه، ويتبين لنا أمران: أولا أن الاقتداء بطريقته واجب لأنها أحكام شرعية وليست تجارب، وقد أفضنا في شرح ذلك، وأما القول بعدم تحريم الطرق الأخرى، فإنه من الواضح بعد هذا البيان أن لا طرق أخرى، إلا ما يلي:

الانقلاب العسكري، قبل إقامة الأفكار والمفاهيم والقناعات في الأمة، وهذا الانقلاب سيكون هشا، غير قابل للحياة، وهو ليس من طريقة الإسلام في التغيير في شيء! وقد سبق وقلنا أن النهضة المرجوة للأمة ليست النهضة بناء على تغيير قوانين، وقد فشل مصطفى كمال عليه لعنة الله أيما فشل في أن ينهض بتركيا حين انقلب عسكريا وفرض قوانين.

وهناك الثورة، مثلما أقامت الثورةُ الفرنسيةُ الجمهوريةَ على أنقاض الحكم الملكي، والثورة الشيوعية التي أتت بالحزب الشيوعي للحكم، وهذه الثورات طريق محفوف بالمخاطر قد يفضي إلى بحور من الدماء. ومن طرق الثورة المظاهرات والاحتجاجات والإضرابات ونحوها.


[1] لقد بحث الرسول الكريم عن أهل النصرة بين المؤمنين الجدد من المدينة، وهم أهل بيعة العقبة الثانية، فتتوج إقامة الدولة (الهجرة) ببيعة العقبة، وهكذا أقيمت الدولة النبوية.!

[2]صحيح أنه هناك فرق بين إقامة الدولة وبين بيعة خليفة بعد الذي قبله أي انتقال الخلافة من خليفة لآخر، ولكن إقامة الدولة الإسلامية هو هو إقامة لدولة الخلافة، لأن نظامها واحد، فالعبرة ليست بالتسميات، فقد تسمى بالخلافة أو الإمامة، أو الدولة الإسلامية! لذلك فإقامتها حين خلو الزمان منها هو هو ما فعله الرسول ﷺ وكتلة الصحابة حين لم تكن قائمة! والتغيير لا يتم بمجرد أن يعلن شخص ما أنه خليفة! إنها سنن إقامة الدول وهدم الدول التي ستقوم الخلافة على أنقاضها!

[3]فهم من كلام الشيخ أنه لا يجوز الاجتهاد في الطريقة وهذا فهم خاطئ، والصحيح أن طريقة الرسول ثابتة ولكن انطباقها وانطباق بعض تفاصيلها على واقعنا اليوم هو الإجتهاد الذي قام به حزب التحرير، وسنبين بعد قليل إن شاء الله أن الحزب أجاب الجماعات الإسلامية في مصر في 1989 حين سألته عن أعمالها المسلحة في التغيير بأن لديها شبهة دليل!

[4]هنا مشكلة لدى الدكتور المطيري في فهم مناط الحكم الشرعي لانطباق طريقة الرسول من حيث واقع الدار وواقع المجتمع، وهناك خلط بين إقامة الدولة وبين دفع العدو المحتل فلا نسعى لإقامة الدولة في فلسطين مثلا، كذلك مشكلة في خلط مسائل مختلفة لكل منها أحكامها الشرعية!

[5]يكرر الدكتور المطيري نفسه، لم يأت بجديد، نفس الخلط بين إقامة الدولة وبين بيعة الخليفة، أي انتقال الخلافة من خليفة للذي يليه!

[6]هنا يتحدث عن مسألتين مختلفتين حيث يتحدث عن تحرير البلاد من الاحتلال الخارجي ويتحدث عن الوحدة بين الحكومات ثم يتحدث عن إقامة الخلافة الموحدة وهذه مسائل مختلفة فيها خلط شديد ولكل قضية منها حكما وأعمالا يختلف عن الأخرى!

[7]أنظر: جواب سؤال لأمير حزب التحرير عطاء بن خليل أبو الرشتة بعنوان:الكفاح السياسي والصراع الفكري

http://archive.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/HTAmeer/QAsingle/2772/

[8]ففي هذه يشبه حالهم حال المجتمع المكي

[9]كالديمقراطية والعلمانية والاشتراكية، -خصوصا في 1962 حين صدر الكتاب، وما حولها من سنوات، حيث طغت الأفكار  الماركسية والاشتراكية وغيرها، والحال اليوم أصبح أفضل بكثير بحمد الله وبفضل جهود حملة الدعوة في الأمة من شباب حزب التحرير وشباب الحركات الإسلامية المخلصة والعلماء المخلصين.

[10]ندار حار إلى المسلمين من حزب التحرير 1965

[11]ثمة أربع أدلة ناقشناها في الكتاب بحمد الله: أولها: التأسي بأفعال الرسول ﷺ واجب شرعا، لا خلاف فيه، وثانيها: مسألة المجمل والبيان والمبين من أصول الفقه، وثالثها: أن أحكام الطريقة في حد ذاتها أحكام شرعية، ثابتة بالقرآن والسنة، مثل ثبوت أنه ﷺ طلب النصرة، فهذا الفعل منه ﷺ حكم شرعي، ورابعها: مسألة البدعة التي تدل على تحريم الطرق الأخرى في حال ثبوت أن الشريعة حددت طريقة معينة للقيام بالفعل، فهذه أدلة أربعة ناهضة!

 

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة