هل حدد الرسول ﷺ طريقةً لإقامة الدولة الإسلامية؟ – مسألة الخروج على الحاكم هل تنسخ أحكام الطريقة؟

هل حدد الرسول ﷺ  طريقةً لإقامة الدولة الإسلامية؟

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

(الحلقة الخامسة والأربعون – مسألة الخروج على الحاكم هل تنسخ أحكام الطريقة؟)

للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنـا

فهل هناك طرق أخرى لقيام الدولة غير هذه الطريقة؟

أثر الأحكام التي شُرِعتْ في المدينة المنورة بعد قيام الدولة في أحكام الطريقة التيشُرِعَتْ في مكة المكرمة قبل قيام الدولة

مسألة الخروج على الحاكم هل تنسخ أحكام الطريقة؟

بقيت مسألة الخروج على الحاكم، وورود أحكام شرعية فيها بعد قيام الدولة مما قد يفهم منها تأثيرٌ على أحكام الطريقة التي نزلت في مكة، خاصة وأن الخروج على الحاكم ليس مجرد عمل لخلعه بل هو طريقة لإزالة واقعٍ تهيئةً لواقع جديد، ولولا مسوغات الخروج لما خُرج عليه أصلاً، هذه المسوغات التي هي عدم تحقق فرضية إقامة الخليفة بسبب فقدان الخليفة أهلية الخـلافة.

والأدلة التي أخِذت منها أحكام الخروج على الحاكم هي:

ما رواه البخاري 6532 ومسلم عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيّةَ قَالَ: دَخَلْنَا علَىَ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَقُلْنَا: حَدّثْنَا، أَصْلَحَكَ اللّهُ، بِحَدِيثٍ يَنْفَعُ اللّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ﷺ فَقَالَ: «دَعَانَا رَسُولُ اللّهِ ﷺ فَبَايَعْنَاهُ. فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا. وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ. قَالَ: إلاّ أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ اللّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ». [وفي مسند أحمد الحديث رقم (21623) «حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ سَمِعَهُ مِنْ جَدِّهِ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً عَنْ جَدِّهِ عُبَادَةَ قَالَ سُفْيَانُ وَعُبَادَةُ نَقِيبٌ وَهُوَ مِنَ السَّبْعَةِ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَلَا نُنَازِعُ الْأَمْرَ أَهْلَهُ نَقُولُ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ قَالَ سُفْيَانُ زَادَ بَعْضُ النَّاسِ مَا لَمْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا»]

ووقع عند ابن حبان والطبراني في الكبير: «يا عبادة اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إلا أن تكون معصية الله بواحاً».

ورواه ابن عساكر والطبري ورجاله ثقات عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله ﷺ:«يا عبادة عليك السمع والطاعة في يسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ولا تنازع الأمر أهله، وإن رأيت أنه لك إلا أن يأمروك بأمر وفي لفظ: بإثم بواحاً». قيل لعبادة: فإن أنا أطعته؟ قال: يؤخذ بقوائمك فتلقى في النار ولْيَجِئْ هو فلْينقذْك. ولأحمد: «إلا أن يأمروك بإثم بواحاً».

[ووقع عند الطبراني «كفراً صراحاً»، وفي رواية أحمد «ما لم يأمرك بإثم بواحاً» فإنها تدل على أن الحكم بغير الإسلام مثل عدم إقامة أركان الدين في البلاد، ومثل عدم اتباع أوامر الله من الحاكم، ومثل أمر الحاكم بغير ما أمر به الله، يعتبر مما يوجِب حمل السيف في وجه الحاكم، وهذا دليل على أن تطبيق أحكام الإسلام شرط من شروط دار الإسلام وإلاّ وجب القتال وحمل السيف[1].]

قال القرطبي: «الإمام إذا نصب ثم فسق بعد انبرام العقد، قال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق وحفظ أموال الأيتام والمجانين، والنظر في أمورهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور والنهوض بها. فلو جوزنا أن يكون فاسقاً أدى إلى إبطال ما أقيم لأجله، ألا ترى في الابتداء إنه لم يجز أن يعقد للفاسق لأجل أنه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له، وكذلك هذا مثله. وقال آخرون: لا ينخلع إلا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو الترك إلى دعائها أو شيء من الشريعة، لقوله ﷺ في حديث عبادة: «وألا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان». وفي حديث عوف بن مالك: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة» الحديث. أخرجهما مسلم. وعن أم سلمة عن النبي ﷺ قال: «إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع، قالوا: يارسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوْا». أي منكره بقلبه وأنكر بقلبه. أخرجه أيضاً مسلم. والمراد بقوله ﷺ: «ما أقاموا فيكم الصلاة»، «ما صلوا»[2]أي الحكم بالإسلام من قبيل المجاز من إطلاق الجزء لأهميته وإرادة الكل.

والبواح الظاهر المكشوف، قال في النهاية: «إلا أن يكُون كُفْرا بَوَاحاً أي جِهَاراً، من بَاحَ بالشيء يَبُوح به إذا أعْلَنه. ويُروَى بالراء» وقال ابن المنظور «وباحَ الشيءُ: ظهر. وباحَ به بَوْحاً ….  وفي الحديث: إِلاَّ أَن يكون كُفْراً بَواحاً أَي جِهاراً، ويروى بالراء».

وقال الخطابي: “من رواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى، وأصل البراح الأرض القفراء التي لا أنيس فيها ولا بناء وقيل البراح البيان يقال برح الخفاء إذا ظهر” وقوله «عندكم من الله فيه برهان» أي نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل”، قال النووي: “المراد بالكفر هنا المعصية ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلاّ أن تروا منهم منكراً محققاً تعلمونه من قواعد الإسلام فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا بالحقّ حيثما كنتم”.

[ودلالة قوله ﷺ «إلاّ أن تروا كفراً بواحاً» يعني أن تعلو أحكام الكفر، بل حتى حكم كفر واحد في المجتمع ويظهر، وهذا ما تدل عليه كلمة: بواح أو صراح، (تذكر أن تعريف دار الكفر بأنها الدار التي تعلوها أو تظهر فيها أحكام الكفر) ولا يتأتى أن تغدو المعصية بواحا إلا أن يغض المجتمع الطرف عنها، فإن فعل فهذا يعني أن حكم الكفر يعلو ويظهر! فحتى لا تتحول الشوكة للكفر وأهله فيظهر في المجتمع ويستقر تجب المنابذة بالسيف، للدلالة على أن الشوكة لأهل الحق والإسلام في المجتمع، فلا تتحول الدار، فإذا استقر الكفر وعلا وظهر انقلبت الدار دار كفر، وتذكر أن المجتمع ليس هو الحاكم فقط أو النظام الذي يطبقه فحسب (القوانين والتشريعات)، بل المجتمع هو ناس وأفكار ومشاعر ونظام يسير العلاقات الدائمية بينهم، فإذا تغير الحاكم أو النظام فقط هنا ينطبق على المشكلة حديث عبادة بن الصامت، فيقاتل الحاكم لمنع تغير القوانين ولمنع إدخال الكفر إلى المجتمع. وأما إذا طرأ التغيير على الأفكار والمشاعر السائدة في المجتمع أيضا، جراء ما استحدثه الحاكم من أنظمة (قوانين كفر، ونظام كفر) غيرت الرأي العام، وقلبت منكرات المجتمع أعرافا، فهنا يكون المجتمع برمته قد تغير (وغدا مجتمعا جاهليا)، وليس القوانين فقط. وفي هذا الحالة ينطبق على واقع المجتمع طريقة التغيير التي سلكها الرسول ﷺ حتى قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، بمعنى أن العلاقات في المجتمع قد تتغير بفعل تغيير النظام فقط أي دون حصول التغيير في الأفكار والمشاعر السائدة في المجتمع؛ وفي هذه الحالة يكون النظام نظام كفر، وأما الأفكار التي يحملها الناس والمشاعر التي تسيطر عليهم فتكون إسلامية؛ والواجب شرعا في معالجة هذا الواقع هو العمل بحديث عبادة بن الصامت، لمنع طغيان وعلو أفكار الكفر في المجتمع، ولمنع تمرير قوانين وتشريعات الكفر، لأن الحديث يعالج حالة حصول التغيير في الحاكم أو في النظام الذي يُطبقه، بمعنى أن يتم فرض النظام الذي يسير العلاقات بين الناس بالجبر والإكراه أي بالقوة. وهذه الحالة هي حالة محاولة إظهار وإعلاء الكفر البواح في حال كان المجتمع إسلاميا، وكانت الدار دار إسلام، وكانت الدولة دولة إسلامية. وعلى هذه الحالة فقط ينطبق حديث عبادة بن الصامت، لأن المشكلة الطارئة في المجتمع محصورة بتغير واقع الحاكم أو بتغير واقع النظام الذي يطبقه. وأما إذا توسعت المشكلة فصارت تشمل حصول التغير في المجتمع كله (بانقلاب الفكر والأعراف والرأي العام تجاه أفكار وأنظمة الكفر) وليس في النظام فقط فإن العلاج لا يكون بحسب ما جاء في الحديث الشريف، وإنما بطريقة أخرى بينها الشرع (طريقة الرسول ﷺ في تغيير المجتمع الجاهلي إلى مجتمع إسلامي).

لكن قد يصل التغيير في المجتمع إلى حد أن تتغير الأفكار والمشاعر السائدة بين الناس قبل قيام المسلمين بمعالجة مشكلة التغيير الذي طرأ على الحاكم أو على النظام الذي يُطبقه، ففي هذه الحالة طريقة العلاج تختلف لأن المسألة لم تعد تنحصر بمشكلة الحاكم أو مشكلة النظام الذي يطبقه وإنما المشكلة أصبحت تتعلق بتغير المجتمع كله، فما يجب ملاحظته هنا أن طريقة الرسول ﷺ التي سار عليها في المرحلة المكية تتعلق بمعالجة المجتمع كله وليس فقط النظام الذي يسير العلاقات بين الناس، وليس فقط رأس النظام!. وأما حديث عبادة بن الصامت فيتعلق بمعالجة حالة التغير في النظام فقط أي حين تكون المشكلة الطارئة في المجتمع هي مشكلة النظام فقط أو الحاكم فحسب.

فالمسألة هي في فهم الواقع، والأحكام الشرعية الواجبة في معالجته. فإذا تغير الواقع تغيرت الأحكام الشرعية الواجبة فيه. فإذا كان التغيير حاصلا فقط في الحاكم أو في النظام، الذي يطبقه في دار الإسلام، فإن الحكم الشرعي الواجب في معالجته يختلف عن الحكم الشرعي الواجب في معالجة حصول التغيير في أفكار الناس ومشاعرهم إلى جانب التغيير الحاصل في الحاكم أو في النظام[3]].

والحقيقة أن اللبس الذي حصل عند بعض المسلمين في مسألة الخروج على الحكام قد حصل لأنهم أنزلوا حكام اليوم منـزلة الخلفاء وطبقوا عليهم أحاديث الطاعة وحرمة الخروج، مع أن حكام اليوم لا يعتبرون حكاماً شرعيين لأنهم يحكمون في دور كفر ويطبقون أنظمة الكفر فينطبق عليهم الحكم بإزالتهم وإقامة الخـلافة الإسلامية.

ومما أوجد اللبس أيضاً ما كان عليه بعض خلفاء المسلمين من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل مما حدا بالبعض مقارنة ظلمهم بظلم حكام اليوم.

والخروج على الحاكم هو التحلل من بيعته وعدم طاعته وقتاله أو هو التغيير عليه. والخروج على الحاكم لا يكون إلا بعد طاعةٍ له واجبةٍ من الله تعالى لأن الخروج هو تحلل من البيعة وانعتاق من الطاعة، هذا إذا كانت هناك طاعة وبيعة، أما إذا لم تكن للحاكم بيعة في أعناق المسلمين وليست له طاعة عليهم، وحكمهم بالكفر في دار كفر فإن موضوع الخروج لا ينطبق عليه ولا يبحث جواز الخروج عليه من عدمه بل يبحث تحويل الدار إلى دار إسلام وإقامة خليفة شرعي.

[قال سليمان الباجي المالكي في المنتقى شرح الموطأ: “قَوْلُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ» أَصْلُ الْبَيْعِ فِي كَلامِ الْعَرَبِ الْمُعَاوَضَةُ فِي الأَمْوَالِ ثُمَّ سُمِّيَتْ مُعَاقَدَةُ النَّبِيِّ ﷺ وَمُعَاهَدَةُ الْمُسْلِمِينَ مُبَايَعَةً بِمَعْنَى أَنَّهُ عَاوَضَهُمْ بِمَا ضَمِنَ لَهُمْ مِنْ الثَّوَابِ عِوَضًا عَمَّا أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَمَلِ” انتهى، إذن فالبيعة معاوضة، تبايع على شيء عوض شيء آخر، ولقد كانت البيعة على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر، والسمع والطاعة في حالة الاستئثار بحظ الدنيا يأخذها من يلي الأمر، حتى ولو كنت ترى أنك أحق منه فيما بين يديه، كما في روايات موجودة في كتب الحديث والشروح، والبيعة على أن لا تنازع الأمرَ أهلَهُ: بمعنى أن لا تطلب الأمر ممن هو له أهله، حتى وإن كنت ترى أنك أحق منه فيه، والبيعة على أن لا تخرج عليه بالسلاح إلا أن ترى كفرا بواحا منه لديك عليه من الله برهان، فكل هذه الأمور معاوضة، عليه مقابلها مسؤوليات وعليك تجاهه واجبات،  بايعنا على أن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا، فاخلعوا البيعة من أعناقكم واخرجوا على الحاكم بالسلاح، وفي الجملة شرط، «إلا أن تروا كفرا بواحا» عندها تسقط البيعة على السمع والطاعة ليخرج عليه بالسلاح، بينما البيعة الأصلية كانت على أمور منها: «وأن لا ننازع الأمر أهله». 

حدَّثنا زيدُ بن وَهْبٍ قال: «سمعتُ عبدَ الله قال: قال لنا رسولُ الله ﷺ: إنكم سَتَرونَ بعدي أثرةً وأموراً تُنكرونها. قالوا: فما تأمرُنا يا رسولَ الله؟ قال: أَدُّوا إليهم حقّهم، وسَلوا اللَّهَ حقكم». رواه البخاري، إذن فالحاكم الذي يتناوله الحديث هو الذي تبايعه على الأمور سالفة الذكر، معاوضة على أن يؤدي إليك حقوقك التي أمره الشرع بها والتي أناطها به الشارع، بداهة إذن أن من لم تكن حاله تلك، أن الحديث لا علاقة له به، وعلينا أن نبحث عن أحكام التعامل معه في مظانها]


[1] مقدمة الدستور، أو الأسباب الموجبة له، أحكام عامة.

[2]أما الرواية التي قال فيها: «لا ما صلوا»، فنقول أن الله تعالى لم يمتدح في القرآن الكريم الصلاة إلا بإقامتها، والصبر عليها، والمحافظة عليها، وقد وصف الساهين عن صلاتهم بالمصلين، فذمهم، وقال: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ فتكون عصمة الحاكم من أن يقوم عليه المسلمون بالسيف أن يقيم الصلاة فيهم، لا مجرد أن يصلي، كما أن لإقامة الصلاة في المجتمع معايير تظهر آثارها في ذلك المجتمع يمكن قياسها، لتكون علامة على ظهور أحكام الإسلام في المجتمع وبالتالي لاعتبار الدار دار إسلام، ومعلوم أن حديث عوف بن مالك رضي الله عنه هو في الحالة التي يُخشى فيها ظهور أحكام الكفر في المجتمع، فيُحمل السيف في وجه الحاكم لمنع ظهور الكفر البواح، والدليل فيما رواه البخاري عن جنادة بن أبي أمية قال «دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله،حدث بحديث ينفعك الله به، سمعته من النبي ﷺ، قال: دعانا النبيﷺ فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان».

فيكون الحد الفاصل المانع لهذا هو ظهور أحكام الإسلام في المجتمع، وهذا الظهور يظهر من خلال علو أحكام الإسلام، كالصلاة والصوم والزكاة في المجتمع يتخذها المسلمون أعرافا يأمرون بها، ويُعاقب من يخالفها، بينما في الحالة المضادة، تظهر أحكام الكفر وتعلو في المجتمع وتصبح منكراته هي الأعراف، فتتحول الدار إلى دار كفر، فيجب حمل السيف لمنع هذا التحول، لذلك كان الحد الفاصل هو أن يقيم الحاكم الصلاة في المجتمع، لا أن يصلي فقط! أي أن نقول: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وأن رواية ما صلوا جاءت رواية بالمعنى، والله تعالى أعلم.

[3]من نقاشات في منتدى العقاب حول حديث عبادة بن الصامت، لثلة من شباب حزب التحرير.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة