تسقط رأسمالية التدمير.. نريد نظام الخلافة للتعمير
اعتصم الأطباء وعمال مستشفى الخرطوم وامتنعوا عن العمل بسبب رفض وزارة الصحة صرف مستحقات مالية متأخرة، واستمرار اعتقال ثلاثة من قادة النقابة لدى جهاز الأمن والمخابرات السوداني، بالرغم من أنهم ليس عليهم شيء سوى أنهم طالبوا بحقوق العاملين، وللأسف الشديد فقد ثبت أن هذا النظام مثله مثل باقي الأنظمة القمعية في بلاد المسلمين، هذا وقد أدت المواجهات بين الشرطة والمحتجين إلى إصابة 13 من العاملين. خرج هؤلاء لأنهم يعتبرون أن قرار وزارة الصحة، بتأييد من الحكومة، أدى إلى تجفيف أكبر مستشفى بوسط العاصمة السودانية الخرطوم هو معاناة إضافية للفقراء الذين يقصدون المشفى للعلاج ويتمسكون ببقائه وسط الخرطوم.
كثير من الناس يحاول أن يلقي باللوم على وزير الصحة الولائي، ولكن الحقيقة أن وزير الصحة ووالي الخرطوم كلاهما يستند على أرضية ثابتة بعد أن مُنحا الضوء الأخضر من رئيس الجمهورية بالمضي قدما للأمام ورضائه التام عن أدائهما في تنفيذ سياسة الدولة في مجال الصحة، فوالي الخرطوم أرسل تحذيرا شديد اللهجة لنقابة العاملين بمستشفى الخرطوم قال فيه: (إن الحكومة هي التي تضع السياسات والقرارات وليس العاملون، وأن وزارة الصحة لديها برنامج غير خاضع للظروف والمزايدات، والولاية ماضية في تنفيذ سياستها التي وافق عليها رئيس المجلس الأعلى للصحة، رضي من رضي وأبى من أبى، وبيننا والنقابة القانون) وأضاف الوالي: (نحن لا نحتاج إلى أربعة آلاف موظف بمستشفى الخرطوم بوضعه القديم، نتوعد باستخدام الإجراءات القانونية في مواجهة الرافضين لقرار النقل والمتوقفين عن العمل). لا حول ولا قوة إلا بالله، أنسيتم أيها الوالي أن الله سبحانه سيسألكم عن هؤلاء الرعية أرَفِقْتُم بهم أم شققتم عليهم! ألم تسألوا أنفسكم إذا أُغلقت وجففت المستشفيات التي يرتادها آلاف المرضى كل يوم ماذا سيحل بهم!، وأين سيذهب هذا الكم الهائل من الأطباء والعمال، ولكن وللأسف لا هم لكم سوى أن تتمسكوا بالرأسمالية الجشعة والخضوع لسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين خدمة لمصالح الأعداء.
نحن حاملات الدعوة في حزب التحرير نقول إن النظام الرأسمالي أوهن من بيت العنكبوت، فهو باطل في أساسه وسقيم في معالجاته، فكانت تشريعاته مبنية على النظرة لرأس المال والثروات وأهملت القيم النبيلة والأخلاق الحميدة فازداد عدد الفقراء بل زادوا فقراً، وعدد المهددين بالموت جوعًا.
قريبا ستجد الأنظمة الرأسمالية نفسها في مواجهة الجماهير الصاخبة المطالبة بالعدالة في الانتفاع بأموال الأمة وثرواتها، وسيجد الرأسماليون أنفسهم وجها لوجه مع هذه الجموع الثائرة المتزايدة في كل يوم، إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بخير، وذلك ظاهر من خلال كلام الناطق الرسمي باسم نقابة العاملين بمستشفى الخرطوم داوود عمارة حيث قال: (إن كلام وتهديدات الوالي لن تزيدنا إلا قوة وعزيمة ولن ترهبنا)، لافتًا إلى أن الوزارة نقلت 247 عاملًا من المستشفى بطريقة غير شرعية. وقال رئيس النقابة إن الوزارة قامت بالتكسير بدل التجفيف، ونقل الأجهزة والمعدات بالليل وحرق بعض أقسام المستشفى.
وكانت النقابة قد أصدرت بيانًا قالت فيه: (إنه في إطار مطالبات عمال مستشفى الخرطوم باستحقاقاتهم المالية والتي انقضت عليها أشهر وظلت وزارة الصحة متمثلة في وزيرها حميدة ترفض إعطاء الحقوق لأصحابها وذكر سعادته بالحرف “ما حأدفع حافز لأحد والعاوز حافز يجي الوزارة” بطريقة فيها نوع من الاستفزازات المباشرة، وفي الوقت نفسه يتم اعتقال أعضاء المكتب التنفيذي ونحن عمال مستشفى الخرطوم ندين الهجمة الشرسة والممنهجة التي تستهدف قياداتنا في نقابة المستشفى ونعلن أننا في حالة إضراب عام عن العمل وسنواصل ونواصل حتى أخذ حقوقنا ونؤكد مرارا لا يستطيع الوزير ولا أجهزته القمعية تخويفنا ولا تدخل الشرطة واعتداءاتها المتكررة أن تثنينا عن المطالبة باستحقاقاتنا) نقلا عن المجهر السياسي2014/11/9
والسؤال لماذا يتم تجفيف مستشفى الخرطوم؟ وهل تعجز ميزانية الدولة عن بناء مستشفيات في الأقاليم مع ترك هذا المستشفى؟ فالجواب قطعا لا لأن ما حباه الله تعالى لهذه البلاد من ثروات يمكن أن تشيد بها دولة عظمى، ولكنها الرأسمالية النتنة التي تضيق على الضعفاء لينتفع آخرون، حيث قامت مستشفيات خاصة باهظة الأثمان تنتفع منها الحكومة في الضرائب، وتقصم ظهر المرضى بتكاليفها العالية. إن خروج الناس إلى الشارع دليل على أن الناس يبحثون عن مخلّص مبدئي جديد ينقذ العالم من هذا الدمار والخراب والشر المستطير، وفي هذا مبشرات عظيمة بإذنه تعالى لأمة الإسلام في عودتها وعودة مبدئها لينقذ البشرية مرة أخرى.
فيا إخواننا المعتصمين، إذا أردتم التغيير الحقيقي فلا بد لكم أن تنتهجوا طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في التغيير، فقد جاء نبينا عليه الصلاة والسلام في مجتمع يعيش في ظلام المعتقدات وفساد المعاملات، القوي فيه هو السيد بعضلاته، فكان التغيير الذي أتى به المصطفى صلى الله عليه وسلم جذريًا، حيث دعا الناس لعبادة الواحد الأحد ونبذ الأصنام، جاءهم بدين جديد غيّر نمط حياتهم وجعلهم سادة العالم بعد أن كانوا أذل خلق الله، وفي ذلك يقول الفاروق عمر رضي الله عنه (كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله) وهكذا كانت الأمة عزيزة بدينها قوية بربها حتى حدث التغيير العكسي بأن ابتعدنا عن أحكام الإسلام وأفكاره إلى أحكام البشر، فانقلب حالنا إلى الضعف والهوان.
فسارعوا أيها المسلمون للعمل لهذا الفرض العظيم مع حزب التحرير لكي يرفع الله عن الأمة هذا الذل والهوان واعملوا على أن يكون لكم سهم في عزة الإسلام، لأن النصر قادم بإذنه تعالى، والتمكين قادم للمسلمين، وهذا وعد من الله الذي ندعوه أن يكون ذلك قريبًا، فتسقط رأسمالية التدمير.. كلنا نريد نظام الخلافة على منهاج النبوة للتعمير.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ريم جعفر (أم منيب)
مساعدة الناطقة الرسمية لحزب التحرير في ولاية السودان