جواب سؤال: أموال الربا بعد قيام الخلافة
(سلسلة أجوبة الشيخ العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك “فقهي”)
جواب سؤال
أموال الربا بعد قيام الخلافة
إلى: سفير الخلافة
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سؤال من كتاب أجهزة الحكم والإدارة بالنسبة لأموال الربا بعد قيام دولة الخلافة بإعطاء رؤوس الأموال لأصحابها… السؤال: ماذا سنفعل بأموال الربا؟ هل يجوز للدولة حجزها واستثمارها؟ وهل النقد الذي أتى من ربا المال كورقة نقدية حرام بعينها أم يرجع للفعل؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
1- جواب سؤالك “ماذا سنفعل بأموال الربا…”، هذا الجواب موجود في كتاب الأموال في دولة الخلافة، فقد وضَّح كيف تتصرف الدولة في المال المكتسب بطريق غير مشروع مثل مال الغلول والربا والقمار… الخ فقد جاء في باب: “مَال الغُلول منَ الحكّام، ومُوظفي الدَولة، ومَال الكسبِ غير المشروع، ومَال الغرامَات” صفحة 111-112 ما يلي:
(كل ما مرّ مما يكتسبه الولاة، والعمال، وموظفو الدولة، بطريق غير مشروع يكون من واردات بيت المال، ويلحق بذلك مما يكون من واردات بيت المال أيضاً، كل مال يكتسبه الأفراد بطريق من الطرق الممنوع شرعاً التملك، أو تنمية الملك بها؛ لأنّه يكون كسباً حراماً، ولا يُملك.
فمن اكتسب شيئاً عن طريق الربا يكون حراماً، وغير مملوك، لأنّ الله حرّم الربا، وحرم تنمية المال عن طريقه. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾.
ويجب أن يُردَّ مال الربا إلى أهله الذين أُكِلَ منهم إن كانوا معروفين، فإن لم يكونوا معروفين يُصادر ويُوضـع فـي بيت المال، هذا بالإضافة إلى العقوبة الشرعية المترتبة على المتعاملين بالربا “آكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه”، كما في الحديث الشريف. «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» أخرجه مسلم عَنْ جَابِرٍ.
ومن اكتسب مالاً عن طريق القمار كان كسبه حراماً، وغير مملوك، ويُردُّ لصاحبه، فإن لم يُعرَف صاحبه يُصادر ويوضع في بيت المال؛ هذا بالإضافة إلى العقوبة الشرعية على من يتعامل بالقمار سواء أكان خاسراً أم رابحاً. لأنّ تنمية الملك عن طريق القمار لا تجوز شرعاً، فالقمار محرّم. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾.
2- وأما الشق الثاني من السؤال حول تحريم مال الربا بعينه أو بالفعل… فالجواب هو أن المال المكتسب بعمل غير مشروع ليس حراماً بذاته، بل الحرمة هي لكيفية كسبه أو تنميته، أما عين المال فليست بحرام، فمن كسب دنانير ببيع الخمر أو بالربا مثلاً فإن الدنانير لا تصبح حراماً بذاتها، بل الحرمة هي في كيفية كسبها أو تنميتها، ولذلك لا يملكها من كسبها بالحرام، أما عينها فلا تكون حراماً ولذلك توضع في بيت مال المسلمين، وينفق منها في شئونهم، ولا يستثنى من ذلك إلا المال الذي عينه حرام كالخنزير والخمر فهي أموال محرمة بذاتها.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة أمير ويب
رابط الجواب من صفحة أمير بلس