تونس ليست جزءاً من أوروبا…بل تونس جزء من أمّة عظيمة هي أمّة الإسلام…بل تونس بشرى من بشائر المسلمين في قلع المستعمر وإقامة الخلافة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تونس ليست جزءاً من أوروبا…

بل تونس جزء من أمّة عظيمة هي أمّة الإسلام…

بل تونس بشرى من بشائر المسلمين في قلع المستعمر وإقامة الخلافة

“تونس أمل في المتوسط”، تحت هذا العنوان البرّاق الخادع انتظم في روما ملتقى بمبادرة من مؤسسة كراكسي (Fondation CRAXI) بالاشتراك مع المجتمع المدني التونسي وبالتحديد “منتدى خير الدين”، وقالت رئيسة المنتدى “ستيفانيا كراكسي” (لإذاعة موزاييك الخاصّة): إنّ الملتقى الدولي تونس أمل في المتوسط الذي احتضنته روما يوم الخميس 4 أيار/مايو 2017، يهدف إلى إطلاق دعوة لتعبئة دولية لمساندة تونس، على غرار الدعوة المعلن عنها في باريس في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وتهدف هذه المبادرة إلى: دعوة المجموعة الدولية لا سيما الدول الأوروبية لمواصلة تقديم دعمها للمسار الديمقراطي في تونس ومساعدتها على استكمال مسار إصلاحاتها الاقتصادية.
كما يسعى الملتقى إلى دعوة المجتمع الدولي إلى الأخذ بعين الاعتبار الأهداف التالية:
– توفير برنامج دعم دولي لتونس بـ20 مليار يورو على امتداد 5 سنوات.
– إعلان واضح حول طرق التعبئة والتنسيق بين مختلف المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية وإعادة الأعمار والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق النقد الدولي) من أجل المساهمة على النحو الأمثل في تحقيق النمو وإعادة هيكلة الاقتصاد التونسي.
– التزام البلدان الأوروبية بدعم تونس لتكون شريكا مع الاتحاد الأوروبي قادر على الولوج إلى الصناديق الهيكلية في أوروبا.
وللتعليق على ذلك نقول وبالله التوفيق:
1. “تونس أمل المتوسّط” عنوان خادع برّاق يعتبر تونس جزءاً من البحر الأبيض المتوسّط أي جزءاً من أوروبا، وهي دعوى آثمة يسعى محترفو السياسة في تونس إلى ترسيخها محواً لهويّة هذا الجزء العزيز من بلاد الإسلام، وهي دعوى طالما ردّدها بورقيبة وعمل لها زمن عقود حكمه المظلمة. ولقد تردّد هذا المعنى على لسان أكثر من وزير؛ فالمنجي الحامدي (تلميذ الأمم المتحدة) وزير الخارجيّة الأسبق قال في إحدى زياراته إلى فرنسا بأنّ تونس ليست أقلّ أهميّة من اليونان، تصريحا منه بأنّ تونس جزء من أوروبا. أمّا رياض المؤخّر الوزير الحالي للبيئة والتنمية المحلية الذي كان حاضرا في ملتقى روما هذا فقال (بكلّ صفاقة) بأنّه كان يجيب: “تونس تقع تحت إيطاليا” حين كان يُسأل في أمريكا عن موقع تونس مصرّحا بأنّه كان يتفادى في الجواب ذكر ليبيا والجزائر (محيطتين بتونس) خشية المعرّة! فما بالكم بوزير ينتحل لبلده هويّة أوروبيّة؟!
2. جاء في كلمة السبسي في هذا المنتدى “أنّ التجربة التونسية لا يُمكنها إلاّ المساهمة في تعزيز أسباب الأمن والاستقرار في فضاء البحر الأبيض المتوسط”، وهو بذلك يشير إلى أنّ تونس قبلت الدور الذي أوكلته إليها الدّول الأوروبيّة بأن تكون جدار حماية للضفّة الجنوبيّة للبلاد الأوروبيّة يقيها موجات الهجرة السرّيّة، والجميع يعلم أنّ تونس وقّعت اتّفاقيات سرّيّة مع أوروبا تلتزم فيها بقبول عودة من تصنّفهم أوروبا إرهابيين سواء أكانوا تونسيين أم غير تونسيين وأن تودعهم سجونا ستعينها أوروبا في بنائها. (وتسرّبت أخبار كثيرة عن سجون بصدد البناء في تونس لتستقبل (الإرهابيين) المرسلين إليها من الدول الأوروبيّة)
3. وفي كلمته ذكّر الباجي قايد السبسي الدول الأوروبيّة أنّ تونس قامت بدورها “إلا أنها تحتاج دعمًا مُجزيًا من شُركائنا في الخارج لا سيّما في أوروبا حتّى نتوصّل إلى تحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود برفع مستوى التّنمية خصوصا في المناطق الداخلية والتقليل من نسب البطالة وإعادة الأمل للشّباب في مُستقبل أفضل”. فالباجي يطلب دعما من أوروبا يراه مستحقّا لقاء الخدمات التي يُقدّمها.
4. إنّ هذه المبادرة التي يدعمها الباجي قايد السبسي بدأت في كانون الأول/ديسمبر 2016 في فرنسا وقد أعلن الساعون فيها أنّها تدعو إلى مشروع دعم أوروبيّ شبيه بمشروع مارشال، بما يعني أنّ “المساعدات” الأوروبية لتونس مشروطة بأن نطبّق الديمقراطيةَ الرأسماليّة، إذ لم ينفكّ الدّاعون إلى هذه المبادرة عن التأكيد أنّ تونس صارت نموذجا ديمقراطيّا (في تلميح إلى أنّ مسألة الإسلام والحكم قد حسمت عندهم نهائيّا بإبعاد الإسلام من الدستور والقوانين). فإبعاد الإسلام وتطبيق الديمقراطية شرط وضعته الدول الاستعمارية للحيلولة دون نهضة الأمّة على أساس الإسلام العظيم الذي كانت به سيّدةً عزيزةً منيعة. يذهب هؤلاء إلى فرنسا ثمّ إلى إيطاليا ليقدّموا لهم فروض الطاعة والولاء معلنين باسمنا تلبيساً وتدليسا أنّنا لن نرضى عن الديمقراطية بديلا! وكأنّ أهل تونس ليسوا بمسلمين ولا هم أصحاب حضارة عريقة ملأت جنبات التاريخ!.
5. إنّ ما يأتيه الباجي قايد السبسي ومنتدى خير الدين من التسوّل على أبواب الدوائر الاستعماريّة إهانةٌ لشعبنا المسلم الأبيّ الذي كانت ثورته من أجل استرداد كرامته وعزّته، فإذا بهم يمرغونها في التراب ويظهرون أهل تونس في مظهر العاجز الذي لا يستطيع العيش والبناء إلا بمساعدة من استعمرهم وسرق ثرواتهم وولغ في دماء أبنائهم!
6. يدّعي هؤلاء المتمسّحون على أعتاب المستعمر أنّهم يريدون مساعدة تونس وإنقاذها من أزمتها الاقتصاديّة فإذا هم يورّطون أهلها بما يؤثّر في مستقبلهم، القريب والبعيد، ويضعون البلاد والعباد في اتجاهٍ مُهلكٍ بإغراقنا في ديون مهلكة لا تزيدنا إلا شقاءً وفقراً؛ بدليل أنّه في الوقت الذي يقولون فيه إن تونس تحتاج إلى 20 مليار دولار، نجد الخبراء يقولون بأنّ أعباء موازنة تونس سببها خدمة ديونها خصوصاً الخارجية التي تفوق 63 في المئة من ناتجها المحلي. إنّه بنظرة بسيطة إلى هذين الرقمين يتبيّن لنا فداحة الجُرم الذي يرتكبه تلامذة الغرب هؤلاء في حق تونس وأهلها، فإنّهم لو تكلّموا بلغة بسيطة لقالوا لنا إنّنا نحتاج إلى دعم المجتمع الدولي لنسدّد لهم فوائد القروض الربوية التي أقرضوها لنا في السابق وتبقى البلاد رهينةً للاستعمار وشركات النهب والإجرام. وبوضوح أكثر فإنّهم سيرهنوننا خدماً وعبيداً للدول الاستعماريّة نشتغل ليلا نهارا لنسدّد ربا الديون ونشقى لينعم الأوروبيون!. أمّا ثرواتنا الباطنيّة من ملح وغاز ونفط وفوسفات التي تسرقها الشركات الأوروبيّة منذ ثلاثينات القرن الماضي فلم يتكلّموا عنها بل تراهم يدافعون عن الشركات الأجنبيّة ويلومون شباب تونس المحتجّين أنّ احتجاجاتهم ستشوّه صورة تونس في عيون الغرب (هكذا!) وستجعل الشركات الاستثماريّة الأجنبيّة تغادر تونس. ويقولون إنّ تونس تحتاج إلى قروض ربويّة من أوروبا وصناديقها السياديّة ولكنّهم لم يتكلّموا بحرف واحد عن الأموال التونسيّة المنهوبة في بنوك الغرب، وقد كشف المجلس التّأسيسي منذ سنة 2012 بأنّ الأموال التونسيّة المنهوبة الموجودة في بنوك الغرب تقدّر بأكثر من 25 مليار دولار (ما يعادل ميزانيّة تونس الحاليّة 03 مرّات).
7. مشروع مارشال هذا هدفه المعلن توفير 20 مليار يورو لتونس على 5 سنوات، وذلك “تبعا لاستكمال مسار الإصلاحات”. وطبعا المقصود بالإصلاحات أن تسطّر البنوك الأوروبيّة سياسة تونس الاقتصاديّة بما يجعلها مزرعة خلفيّة لأوروبا ويجعل أهل تونس خدّاما ينتظرون السيّد المستثمر الأوروبي ليشغّلهم في مصانعه، هذه هي وصفة الاستعمار لتونس التي نشرت الخراب والفقر في العالم. وهي السياسة نفسها التي كان بن علي وعصابته يسيرون بحسبها برقابة مشددة من خبراء البنك العالمي، وهي نفسها السياسة التي ثار شباب تونس ليقتلعوها، فإذا بمحترفي السياسة يحجّون إلى أوروبا باسم “تونس الثورة” ليمرروا نفس السياسات الاستعماريّة باسم الثورة!.
إنّ أغلب السياسيّين في تونس أسرى تفكير سياسيّ علماني غربيّ، فهم لا يعرفون من الأنظمة السياسيّة إلا الدّيمقراطيّة التي تعلّموها في جامعات الغرب ومعاهده، مع أنّ الدّيمقراطيّة ظهر فسادها وعجزها حتّى لأهلها وهم منذ خمسينات القرن الماضي يقولون بأنّ الديمقراطيّة غير قادرة على الحكم ومنذ نهاية القرن العشرين وأغلب مفكّري الغرب وفلاسفته يعلنون أنّ الدّيمقراطيّة نظام عاجز مآله الزّوال قريبا، وإنّ هذه الطّبقة من الحكّام والسياسيين لا يستطيعون رعاية شؤوننا إلا بسياسة تسلّمنا لعدوٍّ أَشِر لا يألونا خبالاً ولا يُضمر لنا إلّا الخبثَ والمكر.
إنّ في تونس الثورة وعيا سياسيّا يتبلور فقد كشف الناس حقيقة الطبقة الحاكمة التي خانت الأمانة وسلّمت البلاد للاستعمار وصارت فضائح حكومات الاستعمار ومن والاها وسايرها على كلّ لسان.
وإنّ في تونس اليوم وسطا سياسيّا جديدا يتشكّل، بقيادة شباب حزب التحرير؛ يدعو إلى تحرير البلد من المستعمر تحريرا كاملا وإلى نبذ الديمقراطيّة بل إعلان موتها ودفنها، وتطبيق الإسلام وأحكامه ولقد شاهد الجميع في تطاوين (جنوب البلاد) حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النّاس شركاء في ثلاثة: الماء والكلأ والنّار» يُرفع شعاراً؛ إيذاناً بتوجّه جديد جارف نحو استرداد البلد وتطبيق الإسلام من جديد لتعود تونس جزءاً عزيزا منيعا من بلاد الإسلام وتعود لموقعها في القيادة كما كانت زمن الخلافة.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد الناصر شويخة

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة