أقوال العلماء في وجوب الخلافة

 

في السابع والعشرين من شهر رجب لسنة 1342هـ، الموافق للثالث من آذار/مارس لسنة 1924م، حصلت أكبر كارثة في تاريخ المسلمين، ألا وهي كارثة سقوط الخلافة العثمانية جراء دسائس الغرب الكافر وعلى رأسه بريطانيا بمعونة من عملائها وعلى رأسهم مصطفى كمال. وقعت الجريمة الكبرى، وألغيت الخلافة، وتفرقت الأمة إلى دويلات أقيمت فيها حكومات تنكرت للإسلام. ومنذ ذلك التاريخ بدأت مرحلة الضياع والتشتت والهوان، فلم تعرف الأمة الإسلامية مرحلة ذل كالتي تعيشها اليوم، ولم تعرف حالة ضعف كالتي تعانيها اليوم.

ولبيان وجوب الخلافة وأهميتها، أذكر هنا مجموعة من أقوال أهل العلم ليتدبر فيها الناس اليوم عسى أن يفتح الله من خلالها ما أغلق من قلوب، وأن ينير بها ما أظلم من عقول:

  • يقول الجرجاني: (نصب الإمام من أتم مصالح المسلمين وأعظم مقاصد الدين).
  • يقول ابن تيمية في كتاب السياسة الشرعية، ومجموع الفتاوى: يجب أن يعرف أن ولاة أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين إلا بها؛ فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من الحاجة إلى رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم» رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمر.

  • وقال العلامة ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى: 28/ص390: يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة

  • وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم» فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ولهذا روي: “إن السلطان ظل الله في الأرض” ويقال: “ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان”. والتجربة تبين ذلك ولهذا كان السلف – كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما يقولون “لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان” انتهى.

  • وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى 28/ص64: “ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلمأمته بتولية ولاة أمور عليهم وأمر ولاة الأمور أن يردوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، وأمرهم بطاعة ولاة الأمور في طاعة الله تعالى – ففي سنن أبي داوود – عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم».

وفي سننه أيضاً عن أبي هريرة مثله، وفي مسند الإمام أحمد وعن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا أحدهم». فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الجماعات أن يولي أحدهم، كان هذا تنبيهاً على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك، ولهذا كانت الولاية لمن يتخذها ديناً يتقرب به إلى الله ويفعل فيها الواجب بحسب الإمكان من أفضل الأعمال الصالحة، حتى قد روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ أحب الخلق إلى الله إمام عادل وأبغض الخلق إلى الله إمام جائر».

  • قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلموولي الخلافة من بعده: ألا إن محمدا قد مات، ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به.

  • وقال الدارمي في سننه: أخبرنا يزيدُ بنُ هارونَ، نا بقيةُ حدّثني صفوانُ بنُ رُسْتُمَ، عَنْ عبدِ الرحمنِ بنِ ميسرَةَ، عن تميمٍ الداريّ،، قالَ: تطاوَلَ الناسُ في البناءِ في زَمَنِ عُمَرَ، فقالَ عُمَرُ: يا مَعْشَرَ العريبِ الأرضَ الأرضَ إنه لا إسْلامَ إلاَّ بِجَمَاعَةٍ، ولا جماعَة إلاَّ بإِمارَة، ولا إِمَارَة إلاَّ بطاعةٍ، فمن سوَّدَهُ قَوْمُهُ على الفِقْهِ كانَ حياةً لَهُ ولَهُمْ، وَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ على غيرِ فِقْهٍ كان هلاكاً لَهُ وَلَهُمْ. ورواه ابن عبد البر القرطبي في جامع بيان العلم وفضله.

  • وقال الشيخ الطاهر بن عاشور في (أصول النظام الاجتماعي في الإسلام): “فإقامة حكومة عامة وخاصة للمسلمين أصل من أصول التشريع الإسلامي ثبت ذلك بدلائل كثيرة من الكتاب والسنة بلغت مبلغ التواتر المعنوي. مما دعا الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلمإلى الإسراع بالتجمع والتفاوض لإقامة خلف عن الرسول صلى الله عليه وسلم في رعاية الأمة الإسلامية، فأجمع المهاجرون والأنصار يوم السقيفة على إقامة أبي بكر الصديق خليفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين. ولم يختلف المسلمون بعد ذلك في وجوب إقامة خليفة إلا شذوذا لا يُعبأ بهم من بعض الخوارج وبعض المعتزلة نقضوا الإجماع فلم تلتفت لهم الأبصار ولم تصغ لهم الأسماع. ولمكانة الخلافة في أصول الشريعة ألحقها علماء أصول الدين بمسائله، فكان من أبوابه الإمامة. قال إمام الحرمين [أبو المعالي الجويني] في الإرشاد: (الكلام في الإمامة ليس من أصول الاعتقاد، والخطر على من يزل فيه يربى على الخطر على من يجهل أصلا من أصول الدين)”. انتهى قول ابن عاشور، ومعنى كلام الجويني أن الإمامية إذ جعلوا الأمامة من أصول الاعتقاد فإنها ليست منه، ولكن الخطأ في الزلل فيها يناهز الخطر في الزلل في أصول الدين لأهميتها.

  • يقول الهيثمي في الصواعق المحرقة: “اعلم أيضاً أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على أن نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن الرسول صلى الله عليه وسلم.”

  • وقال أبو بكر الأنصاري في غاية الوصول في شرح لب الأصول: (ويجب على الناس نصب إمام) يقوم بمصالحهم كسدّ الثغور وتجهيز الجيوش وقهر المتغلبة والمتلصصة لإجماع الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلمعلى نصبه حتى جعلوه أهم الواجبات، وقدّموه على دفنه صلى الله عليه وسلم ولم يزل الناس في كل عصر على ذلك.

  • وقال محمد بن أحمد بن محمد بن هاشم المحلي المصري الشافعي جلال الدين المفسر الفقيه المتكلم الأصولي النحوي في كتابه شرح المحلي على جمع الجوامع: ويجبُ على النَّاسِ نَصْبُ إمامٍ يقوم بمصالحهم كسد الثغور وتجهيز الجيوش وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وغير ذلك لإجماع الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلمعلى نصبه حتى جعلوه أهم الواجبات وقدموه على دفنه ولم يزل الناس في كل عصر على ذلك.

  • جاء في كتاب «غاية البيان شرح زبد ابن رسلان» للفقيه الشافعي شمس الدين محمد بن أحمد الرملي الأنصاري الملقب بالشافعي الصغير (وهو من علماء القرن التاسع الهجري) ما يلي: (يجب على الناس نصب إمام يقوم بمصالحهم، كتنفيذ أحكامهم وإقامة حدودهم وسد ثغورهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم إن دفعوها وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وقطع المنازعات الواقعة بين الخصوم وقسمة الغنائم وغير ذلك، لإجماع الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلمعلى نصبه حتى جعلوه أهم الواجبات، وقدموه على دفنه صلى الله عليه وسلم ولم تزل الناس في كل عصر على ذلك).

  • قال د. ضياء الدين الريّس في كتابه: الإسلام والخلافة ص 348: “والإجماع كما قرروه أصل عظيم من أصول الشريعة الإسلامية وأقوى إجماع أو أعلاه مرتبة هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم لأنهم هم الصف والرعيل الأول من المسلمين، وهم الذين لازموا الرسول صلى الله عليه وسلمواشتركوا معه في جهاده وأعماله وسمعوا أقواله فهم الذين يعرفون أحكام وأسرار الإسلام وكان عددهم محصوراً وإجماعهم مشهوراً وهم قد أجمعوا عقب أن لحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى على أنه لا بد أن يقوم من يخلفه واجتمعوا ليختاروا خليفته ولم يقل أحد منهم أبداً أنه لا حاجة للمسلمين بإمام أو خليفة فثبت بهذا إجماعهم على وجوب وجود الخلافة وهذا هو أصل الإجماع الذي تستند إليه الخلافة”.

  • وقال د. ضياء الدين الريس في كتابه الإسلام والخلافة ص99: “فالخلافة أهم منصب ديني وتهم المسلمين جميعاً، وقد نصت الشريعة الإسلامية على أن إقامة الخلافة فرض أساسي من فروض الدين بل هو الفرض الأعظم لأنه يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض”،

  • وقال أيضاً في ص 341: “إن علماء الإسلام قد أجمعوا كما عرفنا فيما تقدم – على أن الخلافة أو الإمامة فرض أساسي من فروض الدين بل هو الفرض الأول أو الأهم لأنه يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض وتحقيق المصالح العامة للمسلمين ولذا أسموا هذا المنصب «الإمامة العظمى» في مقابل إمامة الصلاة التي سميت «الإمامة الصغرى» وهذا هو رأي أهل السنة والجماعة وهم الكثرة العظمى للمسلمين وهو إذاً رأي كبار المجتهدين: الأئمة الأربعة والعلماء أمثال الماوردي والجويني والغزالي والرازي والتفتازاني وابن خلدون وغيرهم وهم الأئمة الذين يأخذ المسلمون عنهم الدين وقد عرفنا الأدلة والبراهين التي استدلوا بها على وجوب الخلافة”.

  • ثم نقل عن الشهرستاني قوله: “وما دار في قلبه (أي الصديق) ولا في قلب أحد أنه يجوز خلو الأرض عن إمام فدلّ ذلك كله على أن الصحابة وهم الصدر الأول كانوا على بكرة أبيهم متفقين على أنه لا بد من وجوب الإمامة”.

  • وقال الشيخ علي بلحاج في كراسته “إعادة الخلافة من أعظم واجبات الدين”: “الخلافة على منهج النبوة” كيف لا وقد قرر علماء الإسلام وأعلامه أن الخلافة فرض أساسي من فروض هذا الدين العظيم بل هو “الفرض الأكبر” الذي يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض، وإن الزهد في إقامة هذه الفريضة من “كبائر الإثم”، وما الضياع والتيه والخلافات والنزاعات الناشبة بين المسلمين كأفراد وبين الشعوب الإسلامية كدول إلا لتفريط المسلمين في إقامة هذه الفريضة العظيمة،”

  • قال ابن خلدون (في المقدمة): “إن نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمعند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النظر إليه في أمورهم، وكذا في كل عصر من بعد ذلك ولم يترك الناس فوضى في عصر من الأعصار، واستقر ذلك إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام”. أي أن الأمة نقلت هذا الإجماع واستقر لديها كابرا عن كابر، وطبقة عن طبقة، فوجود الإجماع متواتر.

  • قال الخطيب البغدادي – رحمه الله – أجمع المهاجرون والأنصار على خلافة أبي بكر قالوا له: يا خليفة رسول الله ولم يسمَّ أحد بعده خليفة، وقيل: إنه قبض النبي صلى الله عليه وسلمعن ثلاثين ألف مسلم كُلٌ قال لأبي بكر: يا خليفة رسول الله ورضوا به من بعده رضي الله عنهم. أقول: وليست العبرة ببيعة آحاد المسلمين كلهم له، بل العبرة بإجماعهم على حرمة خلو العصر من إمام، وعلى فرضية خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم إذ قال: «ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، يفهم من هذا أن المطلوب هو وجود خليفة له في الأعناق بيعة لا أن يبايعه كل مسلم، وبالتالي فلو كان عدد المسلمين ملياراً فليس المطلوب أن يبايع المليار، بل أن يكون على المليار خليفة أخذ البيعة بالتراضي من الأمة أو ممن يمثل الأمة!.

  • وقال أبو الحسن الأشعري: أثنى الله – عز وجل – على المهاجرين والأنصار والسابقين إلى الإسلام، ونطق القرآن بمدح المهاجرين والأنصار في مواضع كثيرة وأثنى على أهل بيعة الرضوان فقال عز وجل: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾، (سورة الفتح، الآية 18). قد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسمّوه خليفة رسول الله وبايعوه وانقادوا له وأقروا له بالفضل وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة من العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة الأمة وغير ذلك.

  • وقال عبد الملك الجويني: أما إمامة أبي بكر رضي الله عنه فقد ثبتت بإجماع الصحابة فإنهم أطبقوا على بذل الطاعة والانقياد لحكمه… وما تخرص به الروافض من إبداء علي شراساً، وشماساً في عقد البيعة له كذب صريح، نعم لم يكن رضي الله عنه في السقيفة وكان مستخلياً بنفسه قد استفزه الحزن على رسول الله صلى الله عليه وسلمثم دخل فيما دخل الناس فيه وبايع أبا بكر على ملأ من الأشهاد.

  • وقال أبو بكر الباقلاني في معرض ذكره للإجماع على خلافة الصديق رضي الله عنه: وكان رضي الله عنه مفروض الطاعة لإجماع المسلمين على طاعته وإمامته وانقيادهم له حتى قال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه مجيبا لقوله رضي الله عنه لما قال: أقيلوني فلست بخيركم، فقال: لا نقيلك ولا نستلقيلك قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلملديننا ألا نرضاك لدنيانا يعني بذلك حين قدمه للإمامة في الصلاة مع حضوره واستنابته في إمارة الحج فأمرك علينا وكان رضي الله عنه أفضل الأمة وأرجحهم إيماناً وأكملهم فهماً وأوفرهم علماً.

  • قال الشهرستاني: (واصفا حال الصحابة حين اقتربت وفاة أبي بكر رضي الله، واختياره لعمر رضي الله عنه) “وما دار في قلبه (أي أبي بكر) ولا في قلب أحد أن يجوز خلو الأرض عن إمام، فدل ذلك كله على أن الصحابة، وهم الصدر الأول كانوا على بكرة أبيهم متفقين على أنه لا بد من إمام، فذلك الإجماع على هذا الوجه، دليل قاطع على وجوب الإمامة”.

  • قال الإيجي في المواقف في علم الكلام: وأما وجوبه علينا سمعا فلوجهين: الأول: أنه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول من وفاة النبي صلى الله عليه وسلمعلى امتناع خلو الوقت عن إمام، حتى قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته: ألا إن محمدا قد مات، ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به، فبادر الكل إلى قبوله، وتركوا له أهم الأشياء، وهو دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يزل الناس على ذلك في كل عصر إلى زماننا هذا من نصب إمام متبع في كل عصر، فإن قيل: لا بد للإجماع من مستند ولو كان لنقل، لتوفر الدواعي، قلنا: استغني عن نقله بالإجماع أو كان من قبيل ما لا يمكن نقله من قرائن الأحوال التي لا يمكن معرفتها إلا بالمشاهدة والعيان لمن كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أن فيه دفع ضرر مظنون وأنه واجب إجماعا.

بيانه: أنا نعلم علما يقارب الضرورة أن مقصود الشارع فيما شرع من المعاملات والمناكحات والجهاد والحدود والمقاصات وإظهار شعار الشرع في الأعياد والجمعات إنما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشا ومعادا، وذلك لا يتم إلا بإمام من قبل الشارع يرجعون إليه فيما يعن لهم، فإنهم – مع اختلاف الأهواء وتشتت الآراء، وما بينهم من الشحناء – قلما ينقاد بعضهم لبعض فيفضي ذلك إلى التنازع والتواثب، وربما أدى إلى هلاكهم جميعا.

  • وقال الماوردي (في الأحكام السلطانية): “وعقدها لمن يقوم بها واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم”.
  • قال النووي 12/205 شرح صحيح مسلم: “أجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة”.

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ثائر سلامة (أبو مالك)

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة