أضواء على قصيدة خلافة الإسلام لأمير الشعراء أحمد شوقي ح1

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الإخوة الكرام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: أنا محدثكم محمد أحمد النادي أقدم إليكم هذه السلسلة المكونة من تسع حلقات ألقي فيها الضوء على قصيدة خلافة الإسلام لأمير الشعراء أحمد شوقي ومع الحلقة الأولى أقول وبالله التوفيق:

منذ أن هدم الكافر المستعمر دولة الخلافة بالتآمر مع خونة العرب والترك عام 1924م، وقسم بلاد المسلمين إلى دويلات سايكس بيكو الهزيلة التي شتت شمل المسلمين وفرقت كلمتهم، ومزقت وحدتهم، وهو يعمل مع حكام الضرار في هذه الدويلات على تضليلهم وحرفهم عن عقيدة الإسلام، ومنهج الإسلام، وقد رأيت ذلك بأم عيني من خلال خبرتي في التعليم التي استمرت أكثر من ثلاثين عاما، لقد كنت أكتشف السموم المدسوسة في المناهج المدرسية، وأبينها لتلاميذي، فتتملكهم الدهشة، ويبدو عليهم الاستغراب فيتساءلون: هل مؤلفو هذه المناهج مسلمون؟ أقول لهم: إن وزارة التربية والتعليم لا تقرر تدريس الكتاب المدرسي إلا إذا كان متفقا مع فلسفة التربية والتعليم، أي الخطوط العريضة للمناهج المدرسية، وهذه الفلسفة يضعها خبراء التعليم ومفكرو الغرب الكافر المستعمر يفرضونها فرضا على حكام الضرار ويجبرونهم على الخضوع لها بحجة أنهم غير قادرين على وضع أسس للتعليم، فيكونون في غزوهم الفكري لعقول الأجيال الناشئة التي سرعان ما تستجيب للأفكار المسمومة التي تحشى في عقولهم، وترسخ في أذهانهم قد نجحوا في السيطرة عليهم.

إن أول بند من بنود فلسفة التربية والتعليم، والتي كانت مثبتة في مستهل سجل تحضير الدروس اليومي للمعلم ينص على أن فلسفة التربية والتعليم في الأردن مبنية على الإيمان بالله والمثل العليا للأمة العربية. هذا البند وحده كفيل بهدم كيان الأمة، فالإيمان بالله تعالى نعرفه. إنه الركن الأول من أركان الإيمان. أما الركن الثاني وهو الإيمان بالمثل العليا للأمة العربية قد أتي به لتضليل الأمة وحرفها عن مسارها الصحيح، وعن عقيدتها الصحيحة التي تربط أفراد المسلمين بعضهم ببعض برباط قوي وثيق هو أقوى الروابط على الإطلاق لأنها من عند الله تعالى، لتحل محلها روابط من صنع البشر كالرابطة الوطنية المنخفضة، والرابطة القومية الضيقة. وقد اتبع الغرب الكافر في بث أفكاره المسمومة أساليب شتى، منها الكذب الصراح، ومنها تسمية المسميات بغير أسمائها إمعانا منه في تضليل الأمة وحرفها عن مسارها الذي حدده لها ربها العظيم، ومنها تجنب إقرار النصوص التي تبين الطريق الصحيح للنهضة. ومن أبرز الأمثلة على الأفكار المسمومة التي استخدم فيها الأسلوب الأول أسلوب الكذب الصراح فكرة الدعوة إلى الوحدة العربية لتكون بديلا عن الوحدة تحت ظل الخلافة الإسلامية: يقول الشاعر محمود حسن إسماعيل في قصيدة له بعنوان \”الوحدة العربية\”:

من قديم الدهـر حياك الإله … وبصوت الوحي نادتك سماه.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو: متى حيا الله تعالى الوحدة العربية؟ وفي أي سورة من سور القرآن ورد ذكر هذه التحية للوحدة العربية؟ ولم يقف الأمر عند حد الكذب، بل تجاوزه إلى توظيف واستخدام النصوص القرآنية لتأييد فكرتهم الخبيثة، حيث وضع المؤلفون سؤالا عقب القصيدة فيه إيحاء أن الله تعالى يخاطب العرب، وإليكم نص السؤال: قال الله تعالى في كتابه العزيز: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). بين كيف يساعد اتحاد العرب على تحرير ما اغتصب من بلادهم. أما الأسلوب الثاني ألا وهو تسمية المسميات بغير أسمائها فقد تتبعت النصوص التي اقتبسها المؤلفون وأثبتوها في المناهج المدرسية فوجدت أنهم ما وجدوا كلمة (الإسلام) أو كلمة (مسلمين) إلا حذفوها ووضعوا مكانها كلمة (العرب)، بل إنهم كانوا يقحمون كلمة (العرب) ومشتقاها في الدروس إقحاما لدرجة أنها صارت مملة، فقد أحصيت عددها في درس واحد بعنوان: \”مناهج التعليم في الأرض المحتلة\” فوجدته قد بلغ سبعة وعشرين مرة، وفي درس آخر يليه مباشرة بعنوان: \”تأثير الاحتلال الصهيوني في الاقتصاد العربي\” فوجدته قد بلغ ستة وعشرين مرة. وفي درس ثالث مستخلص من كتاب: \”مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي\” وهو من تأليف دكتور أجنبي اسمه \”فرانتز روزنتال\” وقد حذف المؤلفون كلمة (المسلمين) وأحلوا مكانها كلمة (العرب) وأثبتوا هذا الدرس تحت عنوان: \”المنهج العلمي عند العرب\”.

وأما الأسلوب الثالث وهو تجنب إقرار النصوص التي تبين الطريق الصحيح للنهضة كقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي التي رثى فيها خلافة الإسلام، وهي من أروع وأجمل القصائد، وقد درستها لطلابي وشرحتها لهم وكلفتهم بحفظ أبيات منها، وجاءتني رسائل شكر من أولياء أمورهم بسبب حرصي على تقديم كل ما هو نافع ومفيد لهم.

الإخوة الكرام:

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم محمد أحمد النادي

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة