أضواء على قصيدة خلافة الإسلام لأمير الشعراء أحمد شوقي ح2

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الإخوة الكرام: مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: أنا محدثكم محمد أحمد النادي أقدم إليكم هذه السلسلة المكونة من تسع حلقات ألقي فيها الضوء على قصيدة خلافة الإسلام لأمير الشعراء أحمد شوقي ومع الحلقة الثانية أقول وبالله التوفيق:

الخلافة هي رئاسة عامة للمسلمين جميعا في الدنيا لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، وقد أظل زمانها، واقترب موعد إقامتها، وها هي بشائرها تلوح في الأفق. نسأل الله أن يجعل ذلك قريبا وأن يجعلنا من شهودها وجنودها الأوفياء المخلصين. إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.

وقصيدة خلافة الإسلام قصيدة من أروع قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي، ولو لم يقل شوقي غيرها لاستحق أن يكون أميرا للشعراء، هذه القصيدة الرائعة تتكون من خمسة وأربعين بيتا تكتب بماء الذهب، وقد تم تغييبها عمدا من المناهج المدرسية في بلاد المسلمين، وذلك لما تحويه من أفكار إسلامية مستندة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قصيدة خلافة الإسلام من خير القصائد التي يصور فيها أمير الشعراء واقع المسلمين قبل إلغاء الخلافة تصويرا دقيقا، ويعطي نبوءة فيما سيحصل من جراء إلغائها، وقد تحققت هذه النبوءة فعلا، وها نحن نعيش تلك النبوءة، نرى بأم أعيننا، ونسمع بآذاننا ما يحدث ويجري للمسلمين من حولنا! هذه القصيدة تصلح أن تكون مادة دراسية في مناهج دولة الخلافة، وهي تستحق الدراسة فعلا، وتطرح بديلا عن القصائد الوطنية التافهة، والقومية المقيتة التي تحشى بها عقول الناشئة، فترسخ في فكرهم حدود سايكس بيكو التي تمزق أوصال الأمة الإسلامية الواحدة.

الإخوة الكرام:

قبل شرح أبيات القصيدة لا بد من تسليط الضوء على جو النص الذي قيلت فيه. لذلك نقول وبالله التوفيق: في الثامن والعشرين من شهر رجب الخير لسنة ألف وثلاثمائة واثنتين وأربعين هجرية، الموافق للثالث من آذار/مارس من عام ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين ميلادية، وقعت أكبر جريمة في حق المسلمين، حيث تمكنت الدول الأوروبية بقيادة بريطانيا من إلغاء دولة الخلافة العثمانية الإسلامية، وإقامة الجمهورية العلمانية على أنقاضها، وإخراج الخليفة من البلاد.

هذه هي نهاية الحكاية، ولكن النهاية لها بداية، فلقد تقدم مصطفى كمال في الأول من آذار من العام ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين ميلادية، بمرسوم إلى الجمعية الوطنية يقضي بإلغاء الخلافة، وطرد الخليفة، وفصل الدين عن الدولة، فخاطب النواب المنفعلين المشدوهين بسبب هذا المرسوم قائلا: \”بأي ثمن يجب صون الجمهورية المهددة، وجعلها تقوم على أسس علمية متينة. فالخليفة ومخلفات آل عثمان يجب أن يذهبوا، والمحاكم الدينية العتيقة وقوانينها يجب أن تستبدل بها محاكم وقوانين عصرية، ومدارس رجال الدين يجب أن تخلي مكانها لمدارس حكومية غير دينية\”. وفي صبيحة الثالث من آذار/مارس من ذلك العام أعلن المجلس الوطني الكبير موافقته على إلغاء الخلافة وفصل الدين عن الدولة، وفي الليلة ذاتها أرسل مصطفى كمال أمرا إلى حاكم إستانبول يقضي بأن يغادر آخر خليفة عثماني عبد المجيد تركيا قبل فجر اليوم التالي، وأجبر الخليفة بالفعل على الخروج من تركيا باتجاه سويسرا وتم تزويده بحقيبة فيها بعض الثياب وبضعة جنيهات.

تحكم دولة الخلافة العثمانية بالمضائق المائية:

مارست الدولة العثمانية سيادتها على مضيقي البسفور والدردنيل، فمنهما الطريق الذي يصل البحر الأسود ببحر مرمرة، ثم بحر إيجة، وأخيرا بالبحر المتوسط، ولم يكن للبحر الأسود مخرج يتصل عن طريقه بالبحار العامة إلا عبر هذه المضايق .. وقد نجحت الدولة العثمانية في فرض سيادتها على هذه المضايق إذ كانت قوية شامخة وكان لها حرية التصرف كاملة بخصوص الملاحة في البحر الأسود والمرور منه وإليه .. وبلغ من هيبة الخلافة العثمانية في فترة قوتها أن الرعايا الروس إذا أرادوا ممارسة التجارة بين موانئ البحر الأسود، كان عليهم أن ينقلوا بضائعهم على سفن عثمانية تحمل العلم العثماني، وكان حرص الدولة العثمانية على بسط سيادتها في منطقة المضايق والبحر الأسود لا يقبل التفريط أو المهادنة باعتبار هذه السيادة عنصرا جوهريا من عناصر السياسة العليا للدولة .. لم يكن لروسيا طريق إلى المياه الدافئة إلا عبر المضايق التي تسيطر الدولة العثمانية عليها، وظل حلم السيطرة على هذه المضايق يراود روسيا أزمانا طويلة، لكن هذا الحلم لم يتحقق أبدا، بسبب يقظة الدولة العثمانية واستماتتها في المحافظة على أمنها، وأمن المسلمين ..

الإخوة الكرام: مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير:

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم محمد أحمد النادي

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة