سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة الخامسة عشرة: نماذج للأحكام المنوطة بالدولة للتدليل على أن جل الإسلام متوقف عليها

سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

الحلقة الخامسة عشرة: نماذج للأحكام المنوطة بالدولة للتدليل على أن جل الإسلام متوقف عليها

 

من الأحكام المنوطة بالدولة، أحكام السياسة الداخلية للدولة:

والسياسة الداخلية هي رعاية شؤون الأمة ورعايا الدولة، سواء في علاقاتهم بالدولة وعلاقة الدولة بهم، من محاسبة، ومجلس أمة، ومظالم، ودوائر مصالح الناس، وتعيين ولاة وموظفين ومعاونين ومحتسبين، أو بعلاقاتهم بعضهم مع بعض من نصح وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وحفاظ على العقيدة، وحفظ الدين بنشر العلم، ومحاربة الجهل والبدع، وسياسة إعلامية، وفض خصومات، وما يلزم ذلك من استنباط أحكام متعلقة بالمعاملات والقضاء، وتحقيق المساواة في التعامل والحقوق بحسب الشرع، وتمكين الرعايا مسلمين وذميين من كافة الحقوق ومن الانتفاع بالثروات، ومن مرافق الدولة العامة، وضمان حاجاتهم الأساسية، ومن إقامة المجتمع على أسس من التعاون والإخاء والتكافل والإيثار، ومن إقامة الأمن، وإقامة الأسواق والمساجد والمستشفيات ومراكز الأبحاث والمرافق، والسدود، وما إلى ذلك، وإظهار طريقة العيش الإسلامية بأرقى صورها لتكون مثالاً ناصعًا تسوده الفضيلة، وقيمةً عليا وأداةً أساسيةً لحمل الدعوة الإسلامية للغير، فهذه كلها تقوم بها الدولة، وبغياب الدولة قد يقوم شيء منها بشكل مجزوء، إلا أنه لا يحقق الغاية، ولا يتعدى أن يكون جهودا فردية، مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن كانت المنكرات –كما هي اليوم- منكرات دولة، فلا تثمر الجهود الفردية في النهي عنها إلا في امتناع قلة عنها، أما أن تغيير المنكرات المحمية من قبل الدولة فإن ذلك لا يثمر من خلال الجهود الفردية إلا بأن تتحول تلك الجهود لرأي عام جارف! لذلك وجب إعطاء القوس باريها، بأن تجعل كل هذه الأحكام للدولة ترعاها وتطبقها، وتقيمها بين المسلمين في حياتهم، فتؤتي أُكُلها وتحقق غايتها، فيعيش المسلمون حياة إسلامية، وبعضها منوط بالأحزاب مثل تغيير منكرات الدولة.

ومن الأحكام المنوطة بالدولة، أحكام السياسة الخارجية:

من إقامة جهاز يقوم على صنع وتنفيذ السياسات والقرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية، سواء الجهاز الحكومي أو الجهاز غير الحكومي المتمثل بالأحزاب السياسية والوسط السياسي، ومن معاهدات، وحمل دعوة، وجهاد، وحربية، وما يتبع ذلك من إنشاء الصناعات الثقيلة وبناء المصانع واستخراج الثروات الطبيعية، والعلاقات الدولية مع الدول والأطراف الدولية الأخرى لتنفيذ أهداف الدولة الإسلامية على الساحة الدولية ونشر الإسلام واتخاذ القرارات التي تسير علاقات الدولة دولياً، والسهر على شؤون الدولة من خلال مواكبة الأحداث والتفاعلات التي يشهدها النظام العالمي على المستويات السياسية، والاستراتيجية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية ودراسة أثر ذلك على الأمة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لرعاية مصالح الأمة، ووضع الخطط اللازمة لحمل الدعوة ونشر الإسلام ورعاية مصالح الرعايا خارج الدولة، وما إلى ذلك.

ومن الأحكام المنوطة بالدولة الأحكام المالية والنظام الاقتصادي

وما فيه من ملكيات عامة وخاصة، وملكية دولة، والتحقق من إقامة الدولة اقتصاديا وتحقيق الغايات من ذلك النظام، والأحكام المتعلقة بكيفية تملك المال، وتنميته، وكيفية إنفاقه والتصرف فيه، وكيفية توزيع الثروة على أفراد المجتمع، وكيفية إيجاد التوازن فيه ومن أحكام الخراج والزكاة والأراضي، والنقود والسياسات النقدية، والتجارة الداخلية والخارجية، والصناعات وما إلى ذلك.

ومن الأحكام المتعلقة بالدولة الأحكام المتعلقة بنظام العقوبات،

من حدود وتعزير وقصاص، وجنايات وبينات وقضاء، ومخالفات، وإقامة القوة الحارسة لحسن تطبيق الأحكام، وما إلى ذلك،

وحيثما قَلَّبْتَ النظر وَجَدْتَ جُلَّ أحكام الإسلام قائمة على أساس أن تطبق من خلال الدولة الإسلامية، وإنما حظ الأفراد من التطبيق: السهر على النصح للدولة ومحاسبتها، وتنفيذ أمر الله الذي أقام ولي الأمر ليقيمه، وأن الأمة بأفرادها هي صاحبة السلطان، توكّل عنها الحاكم بتنفيذ الأوامر والنواهي التي أمرها الله بها، بالإضافة إلى القيام بالأعمال المنوطة بالأفراد من صلاة وصوم وحج وأمر بمعروف ونهي عن منكر وصدقة وما شابه من أحكام.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة