سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة الثالثة والأربعون: التواتر المعنوي

 

سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

الحلقة الثالثة والأربعون: التواتر المعنوي

 

وعندي أن نصب الخليفة بلغ القطع بالتواتر المعنوي أيضاً، وبيان ذلك:

نبدأ بتبيان مفهوم التواتر، بشقيه اللفظي والمعنوي، وكيف يتحققان، وأنبه إلى ندرة الأبحاث التي تدرس التواتر المعنوي وشروطه، وكيفية تحققه،

شروط التواتر اللفظي

أما التواتر اللفظي فلتحققه شروط حتى يفيد المتواترُ العلمَ: منها ما يرجع إلى المخبرين، ومنها ما يرجع إلى السامعين:

فالتي ترجع إلى المخبرين أربعة: الأول: أن يكونوا عالمين بما أخبروا به غير مجازفين، فلو كانوا ظانين لذلك فقط لم يفد القطع.

الشرط الثاني: أن يعلموا ذلك عن ضرورة من مشاهدة أو سماع، أي أن يكونوا مستندين إلى الحس، لأن ما لا يكون كذلك يحتمل دخول الغلط فيه، وأيضاً لا بد أن يكونوا على صفة يوثق معها بقولهم.

الشرط الثالث: أن يبلغ عددهم إلى مبلغ يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، ولا يقيد ذلك بعدد معين بل ضابطه حصول العلم الضروري به،[1] فإذا حصل ذلك علمنا أنه متواتر وإلا فلا، وهذا قول الجمهور.

الشرط الرابع: وجود العدد المعتبر في كل الطبقات، فيروي ذلك العدد عن مثله إلى أن يتصل بالمخبر عنهم، وقد اشترط عدالة النقلة لخبر التواتر، فلا يصح أن يكونوا أو بعضهم غير عدول[2].

وأما الشروط التي ترجع إلى السامعين فلا بد أن يكونوا عقلاء، إذ يستحيل حصول العلم لمن لا عقل له، وأن يكونوا عالمين بمدلول الخبر وأن يكونوا خالين عن اعتقاد ما يخالف ذلك الخبر لشبهة تقليد أو نحوه[3].


[1] أنظر: أدلة الاعتقاد للمؤلف، باب: أخبار الآحاد لا تفيد العلم بذواتها، توطئة ضرورية جدا: مفاتيح التعامل مع المسألة: أولا: ليس المراد بالقبول التصديق: الشهادة مثالاً، هل ثمة من عدد يفصل بين التواتر والآحاد؟

[2] قال ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة: ولا يقال يستفاد من هذه الأخبار التواتر المعنوي لأن التواتر لا يشترط ثقة رجاله ولا عدالتهم وإنما العمدة على ورود الخبر بعدد يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب فإن اتفقت ألفاظه فذاك وإن اختلفت فمهما اجتمعت فيه فهو التواتر المعنوي.

[3]  راجع كتاب: أدلة الاعتقاد للمؤلف ففيه تفصيل واسع للموضوع.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة