سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة السادسة والأربعون: رأي الإمام تقي الدين النبهاني في التواتر المعنوي

 

سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

الحلقة السادسة والأربعون: رأي الإمام تقي الدين النبهاني في التواتر المعنوي

 

وقد استقرأت رأي العلامة تقي الدين النبهاني في التواتر المعنوي وخلصت إلى أنه يقول بالتواتر المعنوي، قال في جواب سؤال بتاريخ 1973 ما نصه: ثم إن واقع حياة المسلمين في عهد الرسول ﷺ هي فصل النساء عن الرجال، أي فصل المرأة عن الرجل، ‎وهذا الفصل معناه منع اجتماع الرجال بالنساء، أي منع اجتماع الرجل بالمرأة. فالأدلة العامة للأحكام الشرعية المتعلق بالمرأة تجاه الرجل تدل دلالة قاطعة وليست ظنية على فصل النساء عن الرجال، لأنها جاءت بأدلة قطعية الثبوت قطعية الدلالة من آيات قرآنية وأحاديث متواترة، حتى أصبح فصل الرجال عن النساء عند المسلمين مما هو معلوم من الدين بالضرورة، لقوة ثبوته وبداهته[1]. انتهى، فالشاهد هنا قوله: أحاديث متواترة، ومعلوم أنها متواترة معنى،

كما ورد في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول: فصلاة ركعتي سنة الفجر سنة لو لم يصلّها لا شيء عليه، ولو صلاها له ثواب مثل ركعتي المغرب سواء بسواء من حيث الحكم الشرعي، أما من حيث العقيدة، فالتصديق بركعتي الفجر أمر حتمي وإنكارهما كفر، لأنهما ثبتتا بطريق التواتر. انتهى، ومعلوم أن أحاديث ركعتي الفجر في كتب السنن آحاد، إلا أن القطع بثبوتهما كان من طريق التواتر المنقول بالإجماع.

وهذان المثالان يبينان أن الإمام النبهاني رحمه الله يرى أن التواتر المعنوي قد يحصل بالاستقراء، كاستقراء فصل الرجال عن النساء في الحياة الخاصة من تاريخ الإسلام، ولعلنا نصف ذلك بأنه نقل للحكم بتواتر معنوي نُقل لنا “عمليًا” من خلال عمل الأمة عليه في العصور الأولى.

التواتر المعنوي على وجوب نصب الإمام

وقد ارتبط هذا التواتر المعنوي للقطع بوجوب نصب الخليفة بالإجماع عليه، ارتباط الإجماع عليه بأنه متواتر معنى، نقلته لنا الأمة كابرا عن كابر، فحصل المقصود وهو ثبوت القطع بوجوب نصب الخليفة، وبالتالي وجوب أن يحكم المسلمين خليفةٌ يكون رئيسا لدولة إسلامية تقيم فيهم أحكام الإسلام، أي القطع بوجوب إقامة الخلافة، وحرمة خلو الزمان من إمام يحكم بشرع الله، وهو المطلوب.

قال الإيجي في المواقف في علم الكلام: “وأما وجوبه علينا سمعا فلوجهين: الأول: أنه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول من وفاة النبي ﷺ على امتناع خلو الوقت عن إمام”.

هذا وقد سبق وبينا إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام وكثرة النقولات عن أهل العلم في هذه القضية، وهذا الإجماع نقل لنا عبر التواتر، فهو تواتر معنوي على وجوب نصب الإمام وهو المطلوب.

التواتر المعنوي على وجوب الخلافة.

وقال الشيخ الطاهر بن عاشور في (أصول النظام الاجتماعي في الإسلام): “فإقامة حكومة عامة وخاصة للمسلمين أصل من أصول التشريع الإسلامي ثبت ذلك بدلائل كثيرة من الكتاب والسنة بلغت مبلغ التواتر المعنوي.”


[1] جواب سؤال لحزب التحرير بتاريخ: 11 من شهر رجب 1393هجري 9/8/1973 بتصرف.

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة