الاقتصاص من الظالمين فقط ستقوم به دولة الخلافة القائمة قريباً

في الحادثة التي تناولتها معظم وسائل الإعلام السودانية والعالمية قال شقيق المغدور بهاء الدين نوري الذي قتل جراء الاعتقال والتعذيب “نريد من الجهات الرسمية طرح الحقيقة كاملة، لأننا حتى الآن ما فاهمين حاجة”، وطالب نوري الجهات الرسمية الإجابة على تساؤلات الشارع من قتل بهاء ولماذا؟ ولفت إلى أنهم يطالبون بالقصاص من الجناة وتقديمهم للعدالة، ورفض تسمية أي جهة بقوله: “لن نسمي شيئا لكن سندع الأمر للقضاء واعترافات الجناة بأنفسهم”، وتابع “لم يكن الراحل عضواً في أي تنظيم سياسي بل كان يعيش حياة بسيطة وما حدث لبهاء يمكن أن يحدث لأي مواطن بسيط آخر”، وختم حديثه “نريد أن نعرف من قتل بهاء حتى لا تكون هناك أم محسورة على ابنها مثل أمي ولا تعاني أسرة كما عانينا من الألم”.

من جانبها دعت لجان المقاومة السودانية جموع الشعب السوداني وجميع الثوار ولجان المقاومة في كل الأحياء والمناطق للمشاركة في تشييع جثمان الشهيد المغدور بهاء الدين نوري محمد علي وردي الذي قتل جراء التعذيب الوحشي واللاإنساني على يد قوات الجنجويد بعد خطفه واعتقاله. (أثير نيوز 2020/12/29).

في وقت سابق وفي الذكرى الأولى لفض الاعتصام أوردت باج نيوز في تقرير لها تحت عنوان: “أمهات الشهداء طالبن بالقصاص… مواكب هادرة تملأ شوارع الخرطوم في الذكرى الأولى لثورة ديسمبر” جاء فيه ما يلي: “انطلقت بالعاصمة الخرطوم مواكب احتجاجية في الذكرى الأولى لثورة ديسمبر تطالب بالقصاص للشهداء، وهتف الآلاف بـ(الشعب يريد قصاص الشهيد)، وتحركت المواكب من قلب الخرطوم ورفع المحتجون صور الشهداء والأعلام، وهتفوا “يا العسكر ما في حصانة يا المشنقة يا الزنزانة”، و130 المنشقة بس”.

وفي مشهد آخر احتشد الآلاف أمام دار منظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر ورصد مُحرر “باج نيوز” احتشاد أسر الشهداء داخل الدار وبكاءهم أمام صور أبنائهم، معلنين عن عزمهم على تسيير موكب وتسليم مذكرة للنائب العام، وخاطبت والدة الشهيد عبد السلام كشة الجموع قائلة: “نحن نراهن على الشارع لانتزاع حق الشهداء والقصاص لدمائهم”، أما والدة الشهيد محمد مطر فقالت للثوار: “كلكم وطن وأرى وجه محمد فيكم، نحنُ نراهن عليكم لأخذ القصاص لأنكم أبناؤنا ولأنكم من يحرس دم الشهداء”، وأضافت: “حرام علينا إذا دم الشهيد راح”، وطالبت أمهات شهداء في كلمةٍ لهن برفع الحصانة عن رئيس جهاز الأمن السابق صلاح قوش وكل العسكر الذين شاركوا في قتل الثوار، مشيرين إلى أن الثورة مستمرة حتى تحقيق القصاص لكل الشهداء. من جانبه قال شقيق الشهيد محمد مطر إنهم يطالبون بالقصاص للشهداء.

وفي 2020/12/30 قضت محكمة أم درمان في العاصمة السودانية الخرطوم بالإعدام شنقاً على 29 من عناصر جهاز الأمن في قضية قتل المعلم والناشط السياسي أحمد الخير، وانعقدت جلسة النطق بالحكم، في قضية قتل أحمد الخير، جراء التعذيب الوحشي وإدخال آلة حادة في دبره أدت إلى وفاته بمعتقل جهاز الأمن إبان اندلاع احتجاجات كانون الأول/ديسمبر من العام 2018م، يأتي ذلك بينما وقفت حشود من المتظاهرين الذين توافدوا أمام مقر المحكمة في أم درمان بالعاصمة الخرطوم، للمطالبة بالعدالة والقصاص من قتلة الثوار، وإلى الآن لم ينفذ حكم القصاص في القتلة.

شرعت العقوبات لزجر النّاس عن الجرائم، قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ﴾ أي في شرع القصاص لكم، وهو قتل القاتل، وفيه حكمة عظيمة، وهي بقاء المهج وصونها، لأنّه إذا علم القاتل أنه يقتل انكف عن صنعه، فكان في ذلك حياة للنفوس، ولأن الغالب من حال العاقل أنه إذا علم أنه إذا قَتل قُتل، أنه لا يُقدم على القتل، وهكذا جميع الزواجر، ومعنى كونها زواجر أن ينزجر النّاس.

وفي الكتب المتقدمة: القتل أنفى للقتل، فجاءت هذه العبارة في القرآن أفصح وأبلغ وأوجز. قال أبو العالية: “جعل الله القصاص حياة، فكم من رجل يريد أن يقتل، فتمنعه مخافة أن يقتل”.

إن كفالة تحقيق القصاص من الجاني تؤدي لهدوء النفوس واستقرار المجتمع. فلو تكفل كل فرد بأخذ القصاص بيديه، لأدى ذلك إلى تشتت جهود الجميع، وضياع الحقوق بين الأفراد. أما حين يتكفل المجتمع، ممثلاً في شخص القائم على أمره، بأخذ القصاص من الجناة، فإن ذلك يؤدي لإشاعة الطمأنينة بين الأفراد وتفرغهم لأجل معاشهم وأعمالهم، وهذا ما صوره ابن القيم حين تحدث عن مغبة إهمال الناس للقصاص فقال: “لولا القصاص لفسد العالم وأهلك الناس بعضهم بعضاً ابتداءً واستيفاءً”، فكأن في القصاص دفعاً لمفسدة التجري على الدماء بالجناية وبالاستيفاء، وقد روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلاً، وقال: “لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً”، وعن علي رضي الله عنه أنه قتل ثلاثة قتلوا رجلاً.

إن عقوبة القصاص علاج ناجح في معالجة حوادث القتل والتفلت الأمني والفساد الاجتماعي، وتُعتبر من أبرز الأحكام الشرعية التي تحفظ حياة الناس في المجتمع، والأمة التي تعيش بلا عقوبة لمجرميها، فهي أمة ضعيفة منحلة مفككة الأوصال؛ لأنها تعيش في فوضى اجتماعية وتخبط من كثرة حوادث الإجرام التي تـسبب الخـوف وعـدم الأمـن في المجتمع، وعقوبة القصاص يكمن فيها إصلاح الحياة الإنسانية.

نعم هذا هو نظام الإسلام العظيم الذي كرم هذا الإنسان وجعل حرمته أعظم من حرمة الكعبة المشرفة وحفظ دمه وماله من خلال تشريعات لا تعتريها الشوائب ولا النقصان ولم يظلم أحدا بغض النظر عن لونه أو دينه، فهو عندما طبقت هذه الأحكام في ظل دولته الخلافة عاش الناس مطمئنين؛ الظالم يردع حتى لا يعود إلى ظلمه، والمظلوم يؤتى له بحقه كاملاً غير منقوص، ولا مماطلة في إصدار الأحكام القضائية كما هو حادث اليوم من خلال نظام المحاكم في هذا النظام الرأسمالي الجائر الذي يطيل أمد ظلم الظالمين بما يسمى بمحاكم الاستئنافات التي تظل فيها القضايا قابعة بالشهور إن لم تكن بالسنين، فالأصل فيها الإسراع حتى تعطي كل ذي حق حقه.

جاء في كتاب مقدمة الدستور الذي أصدره حزب التحرير في المادة 83: “لا توجد محاكم استئناف، ولا محاكم تمييز، فالقضاء من حيث البت في القضية درجة واحدة، فإذا نطق القاضي بالحكم فحكمه نافذ، ولا ينقضه حكم قاضٍ آخر مطلقاً إلاّ إذا حكم بغير الإسلام، أو خالف نصاً قطعياً في الكتاب أو السنة أو إجماع الصحابة، أو تبين أنه حكم حكماً مخالفاً لحقيقة الواقع“.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الخالق عبدون علي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة