بالخلافة نحيا وتحيا مساجدنا ومقدساتنا ونردع الكفر وأهله


تابع الملايين من سكان الكرة الأرضية على وسائل الإعلام العالمية والمحلية في بلادهم وعلى مدى سنة كاملة وقائع فشل الأنظمة الحاكمة ومؤسساتهم ووزاراتهم الصحية وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية، تابعوا أحداث فشل المسؤولين في التعامل مع جائحة فيروس كورونا التي حصدت الأرواح، وأصبح الهاجس عند الناس متابعة التصاعد السريع لأعداد الموتى وقضاء آلاف الناس نحبهم بسبب الإهمال السياسي أولاً والمؤسسي لاحقاً، والنقص والعجز في الإمدادات الطبية، وبطء التحرك لإيجاد حل للأوضاع الصحية الكارثية. وليس بمستغرب هذا الفشل؛ فالإنسانية تعيش مرحلة سقوط مدو في جميع جوانب الحياة الإيمانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والخدمية ومنها المجال الطبي ومجال الصحة الذي يُنظر إليه – كسائر أنظمة المجتمع عند النظام العالمي اليوم – كسوق للبيع والشراء والتجارة باحتياجات الإنسان الضرورية من الأدوية واللقاحات والغذاء، لتحتل معامل الأسلحة البيولوجية والأبحاث في مجال تدمير الإنسانية والحروب وقتل النفس المقام الأول في عهد تمر به البشرية هو الأسوأ على الإطلاق، بالرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم، الأسوأ بطبيعة الحال لأنه نتيجة تطبيق النظام الرأسمالي الغربي على مدى مائة عام منذ هدم الخلافة الإسلامية في يوم 28 من شهر رجب الحرام سنة 1342هـ الموافق يوم 3 من شهر آذار/مارس سنة 1924م.


إن هذا المشهد المرعب وحالة فقدان الثقة التامة في قادة العالم والحكام وانعدام الأمن والأمان وغياب الحاكم الذي يحمي ويرعى شؤون الناس هو مشهد يعيشه المسلمون يومياً وقبل أن يُنزل الله تعالى الوباء، فالأمة الإسلامية تعيش كوارث أخرى وتعاني أمراضاً أشد وأخطر من وباء كوفيد-19، فالوباء الحقيقي هو أن المسلمين يُحكمون في بلادهم بأنظمة الكفر وقد رهنت رقابهم لأهله مما جرّ عليهم هذا الفشل وهذه الويلات، فالإسلام لم يترك شاردة ولا واردة تخص حياة البشر إلا وكشفها للناس حيث أنزل الله تعالى كل الأحكام الشرعية الخاصة بجميع ما يحتاجه الإنسان كفرد وما تحتاجه الجماعة والدولة لتحقيق الحياة المستقرة للإنسان، وكان يجب على الحكام أن يعودوا للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حتى يعرفوا كيفية التعامل مع الجائحة وليس أن يكونوا مجرد تابعين ومطيعين للغرب ومنظماته وتقليدهم تقليداً أعمى، حتى أخذوا نصيبهم من الفشل المتواصل والانحدار السريع في تردي الأوضاع، وما ذلك إلا انعكاس للمبدأ الرأسمالي الذي يحكم العالم على أساس المصالح السياسية والمادية المشتركة، وساد في عهده النفاق والظلم وازدواجية المعايير والتخبط الفظيع للتعامل على أساس الأجندات السياسية ولا يُقيم لحياة الإنسان وزناً.


كما أن الأنظمة الحاكمة هي أنظمة علمانية تابعة للغرب الكافر المستعمر، فاستغلوا الجائحة لتصعيد الحرب التي يشنها أسيادهم الكفار على الإسلام؛ فبحسب أوامر منظمة الأمم المتحدة والصحة التابعة للكفار مُنع المسلمون من إقامة صلاة الجمعة في المساجد حول العالم، حتى تمادت السلطات لدرجة اعتقال الأئمة واعتقال وضرب المصلين كما حصل في فلسطين المحتلة، وأغلق المسجد الأقصى المحتل في وجه المسلمين الذين حُرموا من الصلوات فيه بينما فُتحت أبوابه ليهود والسُياح، وكان التنكيل نصيب من يذهب لصلاة الجمعة في مصر وتونس أيضاً، وجُندت أجهزة المخابرات لملاحقة الشباب التقي النقي وأُغلقت معظم المساجد بدلاً من توفير النظام ما يحتاجه المصلون من إمكانيات لاتخاذ الإجراءات الصحية الاحترازية التي تحميهم من انتشار الوباء، في الوقت الذي يرتع فيه الفاسدون والمفسدون في البلاد وفي الوقت الذي فُتحت المراكز التجارية والأسواق والمطاعم والبنوك وسمحت الأنظمة للتجمعات والفعاليات الحكومية الحاشدة بدون اتخاذ إجراءات احترزاية لتنكشف مؤامرة الحكومات في إبعاد المسلمين عن دينهم والتحرك من جانبهم لنقض عروة الصلاة بالاستمرار في إغلاق المساجد والاستمرار في مضايقة المصلين وإجبار الأئمة على عدم إقامة الصلاة! وأساساً المسلمون محرومون منذ احتلال أرض فلسطين والأقصى – أولى القبلتين وثالت الحرمين – من دخول الأرض المباركة، فالأوضاع تزداد سوءاً كل يوم منذ أن نُقضت عروة الحكم بما أنزل الله وهدمت الدولة التي تحكم بالإسلام؛ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لَتُنْتَقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ»؛ رواه ابن حبان في صحيحه.


كما شاهد ملايين المسلمين حول العالم الحرم المكي خالياً من المصلين وخالياً من المعتمرين وتم إيقاف صلاة الجمعة والجماعات، كما تم إلغاء موسم الحج في حزن بالغ على ما آلت إليه أحوال المسلمين الذين ظهرت لهم جليةً تداعيات غياب خليفة المسلمين الذي يثور للإسلام والذي يُعظم شعائره، وفهموا جيداً معنى غياب دولتهم دولة الخلافة الإسلامية التي توحدهم وتخاف الله فيهم وترعى شؤونهم وتدافع عن عقيدتهم وتحفظ عقولهم وأجسادهم وتحمي أراضيهم وثرواتهم.


فبهدم دولة الخلافة وتغييب الحكم بما أنزل الله تعالى تمكن الكفار من السيادة على العالم دون أن يردعهم خليفة المسلمين ودولتهم العزيزة وجيشهم الذي لا يُهزم كما كان حالهم من قبل. إن الأمة الإسلامية أمة واحدة لكن لا تمثلها الآن دولة واحدة ولا يحكمها خليفة واحد يُطبق الإسلام الواحد، ولذلك هي لا تمتلك قرارها السياسي والاقتصادي والعسكري، وبالتالي لن يكتفي أعداء الإسلام من قتل وتشريد وتقطيع أوصال بلاد المسلمين الذي أصبحوا لاجئين في بلادهم، مثال ذلك سوريا وفلسطين المحتلة وأفغانستان والشيشان والعراق وكشمير والهند والقارة الأفريقية ومصر والسودان وليبيا، وقبرص والأندلس، وقد أصبح المسلمون ضعفاء يسيطر عليهم الكفار من خلال مواثيق واتفاقيات خيانية وقوانين ودساتير استعمارية وضعية، وأصبحوا فقراء وهم أهل الثروات الطائلة، وانتُهكت أعراضهم وهم أصحاب الطهر والعفاف، وأصبحوا جاهلين بدينهم وأمور دنياهم وهم أساس العلم الشرعي والعلوم والتكنولوجيا والطب والرياضيات والفلك، وأصبحوا أذلة وأجدادهم الكرام الفاتحون المجاهدون الذين ملكوا العالم وسطروا بدمائهم أعظم مرحلة في تاريخ الإنسانية؛ عصر الخلافة الذهبي؛ عصر الحياة الإسلامية الفاعلة. إن الحل الوحيد لمآسي المسلمين هو أن ينتفضوا لإقامة الخلافة الراشدة من جديد حتى تعود لهم الحياة وتعود لهم أمتهم ودولتهم ويرضى عنهم ربهم، ولمثل ذلك فليعمل العاملون.


قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [سورة الأنفال: 24].


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة محمد حمدي – ولاية السودان

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة