أقوال العلماء عن الخلافة


لقد عاشت الأمة الإسلامية في ظل الخلافة مدة ثلاثة عشر قرناً، ولم تتصور يوماً أن تنقطع حياتها الإسلامية بإلغاء الخلافة. وعلماؤها السابقون كانوا يحيون تحت سلطان الخليفة ولم يفقدوا هذه النعمة ولم يحسوا بمرارة زوالها، ومع ذلك نجد ابن تيمية وغيره يعتبرونها “من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها”؛ هذا لأنهم فهموا الإسلام فهماً عميقاً شاملاً استطاعوا من خلاله أن يدركوا أهمية الخلافة دون أن يحسوا إحساساً مباشراً بهذه الأهمية، أي بمعنى آخر دون أن يشهدوا زوال الخلافة.


لكي ندرك أهمية هذا الفرض لدى علماء الأمة السابقين، لنقم بجولة خاطفة في بعض من كتبهم القيمة:


يقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم عند شرحه لحديث الرسول ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ»: “قوله ﷺ: الإمام جنة، أي كالستر لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين ويمنع الناس بعضهم من بعض ويحمي بيضة الإسلام، ويتقيه الناس ويخافون سطوته. ومعنى: يقاتل من ورائه، أي يقاتلُ معه الكفار والخوارج وسائر أهل الفساد والظلم مطلقاً”.


ويقول الإمام الماوردي في كتاب الأحكام السلطانية والولايات الدينية: “أما بعد فإن الله جلت قدرته ندب للأمة زعيماً خلف به النبوة، وحاط به الملة، وفوَّض إليه السياسة، ليصدر التدبير عن دين مشروع، وتجتمع الكلمة على رأي متبوع، فكانت الإمامة أصلاً عليه استقرت قواعد الملة، وانتظمت به مصالح الأمة…


الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجبٌ بالإجماع، وإن شذ عنهم الأصم”.


جاء في كتاب “غاية البيان شرح زبد ابن رسلان” للفقيه الشافعي شمس الدين محمد بن أحمد الرملي الأنصاري الملقب بالشافعي الصغير (وهو من علماء القرن التاسع الهجري) ما يلي: “يجب على الناس نصب إمام يقوم بمصالحهم، كتنفيذ أحكامهم وإقامة حدودهم وسد ثغورهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم إن دفعوها، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وقطع المنازعات الواقعة بين الخصوم وقسمة الغنائم وغير ذلك، لإجماع الصحابة بعد وفاته ﷺ على نصبه حتى جعلوه أهم الواجبات، وقدموه على دفنه ﷺ ولم تزل الناس في كل عصر على ذلك”.


وأخيراً قال صحاب كتاب “الفقه على المذاهب الأربعة”: “اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أن الإمامة فرض، وأنه لا بد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين وينصف المظلومين من الظالمين، وعلى أنه لا يجوز أن يكون على المسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان، لا متفقان ولا متفرقان”.


علماء الأمة اليوم يعيشون هذه النكبة الأليمة ويذوقون مرارتها في كل لحظة، كيف لا وقد أصبح العالم كله ينعتهم بدول العالم الثالث بعد أن كانوا الدولة التي لا تقهر؟! وكيف لا وقد مزقهم الكافر المستعمر إلى دويلات هزيلة وأقام على كل دويلة لصاً يحرس نفوذ الكفر ويسرق وعي الأمة ومالها بعد أن كانت الدولة الإسلامية الدولة التي لا تغيب الشمس عن سلطانها؟! فكان بديهياً أن يكون علماء اليوم أكثر تأثراً وأكثر حماساً وتلهباً وأكثر اهتماماً بهذا الفرض العظيم من سابقيهم، لأنهم عاشوا وأحسوا فاجعة إلغاء الخلافة، والفكر إذا ارتبط بالإحساس كان قوياً صادقاً ملتهباً، ولكننا بالرغم من ذلك نجد أن بعضهم يسكت عن هذا الفرض العظيم ويكتم ما أمره الله بتبليغه ويبقى هادئاً مطمئناً وكأنه يعيش في مجتمع لا يتناقض مع فكره وعقيدته! يقول الشهيد سيد قطب رحمة الله: “علم الله أن بعض المستحفظين على كتاب الله المستشهدين قد تراودهم أطماع الحياة الدنيا وهم يجدون أصحاب السلطان وأصحاب المال وأصحاب الشهوات لا يريدون حكم الله، فيملقون شهوات هؤلاء جميعاً طمعاً في عرض الحياة الدنيا، كما يقع من رجال الدين المحترفين في كل زمان وفي كل قبيل، وكما كان ذلك واقعاً في علماء بني إسرائيل، فناداهم الله: ﴿وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً﴾ وذلك لقاء السكوت أو لقاء التحريف أو لقاء الفتاوى المدخولة… إنه ليس أشنع من خيانة المستأمن وليس أبشع من تفريط المستحفظ، وليس أخسَّ من تدليس المستشهد. والذين يحملون عنوان (رجال الدين) يخونون ويفرطون ويدلسون. فيسكتون عن العمل لتحكيم ما أنزل الله، ويحرفون الكلم عن مواضعه لموافاة أهواء ذوي السلطان على حساب كتاب الله”.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فاطمة عليان – الأرض المباركة (فلسطين)

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة