بعون الله الواحد الأحد التغيير في متناول اليد


عندما نجلس مع الناس ونكلمهم في واقع الأمة يستمعون إلينا بكل انتباه ويشعرون بقوة الفكر وقوة الطرح من فساد الواقع وفساد الأفكار السائدة في المجتمع وسيطرة الاستعمار وفساد الرأسمالية وفساد الحكام ووسطهم السياسي، وبالتالي حتمية التغيير بالإسلام الذي نعرضه مفصلا في شكل دولة. ولكن عندما نصل معهم إلى التغيير الجذري وقلب الموازين، تتغير ملامح الناس وتنتكس الرؤوس بعد أن كانت متيقظة مشرئبة إلى المتحدث!


وهذا في تقديري يرجع إلى اليأس والإحباط اللذين يسيطران على عقول الناس لأنهم يرون أن التغيير ليس صعبا فقط بل هو مستحيل نظرا لوضع الغرب الذي لديه كل القوة ويسيطر على كافة نواحي الحياة في بلادنا، بما في ذلك الجيوش التي هي محل القوة ونطلب منها النصرة. وفي المقابل عدم وجود أية علامة قوة لدى المسلمين لقلب الموازنة وإحداث التغيير.


فالحديث عن سيطرة الغرب وقبضة الحكام دون الحديث عن كيفية التغيير وقدرة الأمة على ذلك يولد اليأس لديها.


ولمعالجة هذه المشكلة دائما حسب رأيي البسيط لا بد من طرح ما لدى الغرب من قوة وما يمكن أن يفعله بهذه القوة، وما لدى المسلمين من قوة وما يمكن أن يفعلوه بهذه القوة؛ حتى نبعث في الناس الأمل والثقة وتطمئن القلوب، وفي الوقت نفسه تكون رسالة تشجيع لأهل القوة.


فالأمة عاشت أكثر من قرن مكبلة وقواها إما معطلة أو في خدمة الاستعمار وعاشت مهزومة بحروب مصطنعة، فهي مهزومة نفسيا وفي حاجة لأن تعرف وتتحقق من قدرتها على التغيير بفضل إمكاناتها الغافلة عنها.


لا بد أن نضع في أذهان المسلمين أن قوة الغرب تكمن في استغلاله لثروات البلدان التي يستعمرها وخاصة منها بلاد المسلمين، فمتى تعطل هذا الاستغلال أو قُطع تعطلت مصالح الغرب وأثر ذلك في قوته. والذي يخدم الغرب في بلادنا ويمده بشرايين الحياة هم من أبناء المسلمين تحت الأوامر والتوظيف وقرارات المسؤولين الذين هم وكلاء الاستعمار، وعلى رؤوسهم الحكام. وحين ساعة الصفر وتنحية الحكام ووسطهم السياسي تتوقف هذه الأوامر وتتوقف خدمات الاستعمار وتهتز قوته ويبدأ ميزان القوى في التغير.


ولا بد أن نضع في أذهان المسلمين أيضا أن الوسط السياسي الحالي والعلمانية التي يحكم بها ما هي إلا فرقعة إعلامية لا جذور لها في الأمة.


بعبارة أخرى حين يمن الله بنصره وتعلن في بلد من بلاد المسلمين التي تتوفر فيها مقومات إقامة الخلافة، يبدأ الخليفة في تطبيق أحكام الإسلام واتخاذ الإجراءات السريعة، وهذا وحده كفيل بتعطيل مصالح العرب وإرباكه.


وعندما يشعر المسلمون بجدية التغيير وأنه غير مرتبط بالاستعمار ومنظماته وأن الدولة دولتهم ستنفتح الأجواء الإيمانية التي توحد اتجاه الناس بالفكر والمشاعر وتدفعهم للدفاع عن هذه الدولة الناشئة ومساندتها في نهضتها من جديد. عندها سيرى أصحاب العقول المنهزمة العجب؛ إذ ستصبح الأمة بأكملها قوة ضد من يقف عقبة أمام التغيير. نستطيع هنا أن نضرب مثالا ثورة تونس، فقبل الإطاحة بنظام بن علي بعدة أيام وحتى في بداية الثورة كان الناس يظنون أن قلعه من الحكم من سابع المستحيلات، ولكن سرعان ما سرت في البلاد موجة قلبت الموازين لأن الناس تريد التغيير ولو لم توجد قيادة ببرنامج حكم لما بعد الثورة.


فالأمة الآن تريد التغيير والقيادة موجودة والبرنامج موجود مفصل ومؤصل.


حسب رأيي لا بد من تقريب صورة التغيير إلى أذهان الناس ولو بصورة إجمالية وذكر بعض الإجراءات حتى يلتف الناس أكثر حول الحزب، من مثل غلق السفارات وترحيل موظفيها وغلق المضائق وقطع الاتصالات مؤقتا، وتعطيل العمل بالاتفاقات والمعاهدات حتى يُقر منها الخليفة أو يعدل أو يلغي، ومراجعة كل عقود الثروات والامتيازات للدول الأخرى، والعمل لضم باقي البلاد الإسلامية إلى دولة الخلافة وعدم اعتبار العلاقات معها علاقات خارجية.


ومن المتوقع أن يفاجأ الغرب في كل يوم بل في كل ساعة بما لا يسره ويكسر شوكته. فقوى الأمة لا يمكن حصرها؛ فهي لم تر يوما أبيض على مدى قرن من الزمن وعانت من الاستعمار ما لا يعلمه إلا الله. فالأمة تنتظر لحظة فك قيودها حتى تثأر لنفسها.


ومن المنتظر أن تصور الدول الاستعمارية الدولة الناشئة بأنها مارقة عن القانون الدولي وأنها مصدر للإرهاب، وسيهاجمنا بطائراته وصواريخه، وسيكون هناك ضحايا وقتلى وتدمير، ولكنه ثمن التحرر من الاستعمار. نحن ندفع الثمن من يوم أن غاب سلطان الإسلام، فلتكن التضحية الآن في سبيل التغيير والتحرر من الاستعمار.


إلا أن المعارك لا تُحسم إلا على الأرض، وهنا لا يجرؤ الغرب ومعه الشرق على مواجهة المسلمين حتى وهم بدون سلاح. فقد عرفهم في أفغانستان والعراق وسوريا ورأى بطولاتهم. انظروا الآن إلى الحروب في بلاد المسلمين، فقد جعلها الغرب بين المسلمين أنفسهم، أي بالوكالة، واكتفى هو بالتمويل والإشراف، وحتى التمويل هو من أموال المسلمين التي يفرط فيها الحكام مقابل الحماية والبقاء الحكم.


ولكن هذه المرة الغرب سيفكر ألف مرة قبل أن يهاجمنا وسيحسب ألف حساب لأن رجال اليوم ليسوا كرجال الأمس، وحاكم اليوم ليس كحاكم الأمس، وأمة اليوم ليست كأمة الأمس.


هناك من يخاف المقاطعة ولكنه نسي أن الأمة لديها الكفاية من الزراعة ومن الثروة السمكية والتصنيع سنبدؤه فورا، وفي بقية المجالات الغرب هو الخاسر في المقاطعة. فلدينا آلاف المخترعين والمبدعين وعندنا ملايين الشباب المعطَّل وعندنا مَن عادوا من الغرب ولديهم خبرة في كافة المجالات. وعندنا قبل كل شيء رب كريم لا يعلم جنوده إلا هو، وعندنا قرآن نحيا به من جديد، وعندنا أعتى القوى ألا وهي القوة الروحية، وعندنا ثروات طبيعية كل العالم بحاجة إليها ونستطيع أن نقايض بها مصانع ثقيلة يقوم بها الغرب في بلادنا وهو صاغر.


الأمة هذه المرة ستقاتل تحت إمرة صادقة وسيكون القتال لله وحده وليس للوطن أو القومية، وسيكون في ذهنها ما فعله بها الاستعمار وحروبه التي قتل وشرد فيها ملايين المسلمين، وسوف لن تكون هناك خيانات.


هذا غيض من فيض، فإمكانات الأمة لا حصر لها، ويستطيع الشباب النابهون أن يأتوا بأحسن من هذا المقال ألف مرة، ولكن أردت هنا أن أشير إلى مشكلة عشتها وهي الحديث عن قدرة الأمة على التغيير حتى لا نبقى في نظر الكثيرين نعيش في الخيال بعيدين عن الواقع أو القول لنا باستحالة تحقيق ما ندعو إليه.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بوعزيزي

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة