يا علماء الأمة: أدوا أمانة الدين والعلم ببيعة خليفة راشد على منهاج النبوة وإقامة الشرع وتوحيد الأمة


نزل الخير من رب العباد للناس بواسطة رسله فأنزل لهم العلم فبلغوه للناس، وخلفهم أنبياء يحملون العلم للناس، وكذلك كان في بني إسرائيل الأنبياء يخلفون الرسل في القيام بتبصير الناس بالحق وإبعادهم عن الباطل بما نالوا العلم من الله. إلا أن النبي الخاتم محمداً ﷺ ليس بعده أنبياء، فقد أقعد الله العلماء في الإسلام مقام الأنبياء في الأمم السابقة في حفظ أمانة دين التوحيد للناس، وحمل أمانة العلم إليهم والنصيحة لهم من بعد موت محمد ﷺ.


وقد قام علماء أفذاذ منذ العصر الأول للإسلام وفي عصور النهضة من مثل سعيد بن جبير ورجاء بن حيوه وعبد الله بن المبارك والفضيل بن عياض وأبي حنيفة وغيرهم، وعملوا بما علموا وأدوا أمانة العلم، فكانوا مثالاً يحتذى به للعلماء، من حمل أمانة العلم إلى الناس كما ينبغي، فلم يداهنوا فيه أحداً من الحكام أو ذوي السلطان.


وفي عصر الانحطاط خَفَتَ صوت العلماء إلا من رحم الله، ومع هذا جعل الله للأمة الإسلامية من يواصل حمل أمانة العلم حتى تعود للأمة الإسلامية مكانتها بين الأمم تؤدي رسالتها بالخيرية التي جعلها الله لها، قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110].


لقد هدمت الخلافة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، واستبيحت بلاد المسلمين، وأُبعِدَ الإسلام عن الحكم ورعاية شؤون الناس، وتسلط عليهم أعداؤهم، ونهبت ثرواتهم، وقُسِّمَت بلاد المسلمين شذر مذر، وحُكِمَتْ بغير ما أنزل الله، ودُعِيَ المسلمون إلى أفكار الكفر. لكن الأمة الإسلامية لم تمت، فقد ظهر في الأمة بعد ثلاثة عقود فقط من هدم دولتها من جدد لها دينها وقام مقام الطبيب في تحديد موطن الداء وجاء بالدواء من الإسلام، وأشار على الأمة الإسلامية بأخذه حتى تبرأ وتعود إلى حكم الإسلام من جديد وتنفض عنها غبار الذل الذي حل بها، وأصبح قاب قوسين من أن يصل بها إلى إعادة الحكم بالإسلام وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة كما أخبرنا محمد ﷺ، فكان حقاً على العلماء أن ينصروا إعادة تطبيق الإسلام في الحياة من جديد، بعد أن غيّب لمائة عام، وإقامة دولة الخلافة بالطريقة التي أقام بها محمد ﷺ دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة. قال ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» (رواه أبو داود)، فالتجديد في الدين لا يكون إلا بالعلم وتبصير الناس، ونفض الغبار على ما غشي حكم غياب الخلافة عن أبصار المسلمين وكيفية العمل لإقامتها.


نربأ بالعلماء في زماننا أن يكونوا في مواطن الذم التي ذكرها الله لنا في القرآن الكريم عن علماء الأمم السابقة حيث قال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 146] وقال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الأعراف: 175] وقال تعالى: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 75] وقول رسوله ﷺ «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يَعْلَمُهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» (أخرجه الترمذي وابن ماجه وابن حبان).


وأن يكونوا في مكان المديح الذي قال فيه ربنا سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: 28] وقول رسول الله ﷺ: «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» (أخرجه أبو داود والترمذي) وقوله ﷺ: «إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» (أخرجه الترمذي)، وقوله ﷺ «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» (أخرجه الترمذي) وقوله ﷺ «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ» (أخرجه أحمد).


لقد انكشف أمام العلماء أهل التقوى ذوي البصر والبصيرة أن المسلمين قد عاشوا في ضنك مستمر من بعد إقصاء الحكم بالإسلام، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾ [طه: 124] وتمزيق وحدتهم في ظل دولة الخلافة من بعد الحرب العالمية الأولى إلى ما يزيد عن خمسين مزقة في ظل أنظمة حاكمة لم تحكم بما أنزل الله، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]. تسلط عليها من هدم خلافتها واستورد لها أنظمته لتطبقه في الحياة بدلاً عن حكم الإسلام. وإن المسلمين اليوم يعودون إلى دينهم ويرجعون إليه من بعد هجره، وعمت الصحوة الإسلامية العالم، وكان لا بد لها من قائد يقودها كي تصل إلى هدفها بتطبيق الإسلام بعد غياب طويل، فجعل الله للأمة الإسلامية أن تبلغ هذه الصحوة ثمارها، فكان حزب التحرير هو القائد.


قام هذا الحزب بناءً على قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104] في 1953م على يد العالم الجليل تقي الدين النبهاني رحمه الله، وبعد الدراسة المستفيضة وقف على أن الأمة الإسلامية يجب عليها العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، للحكم بما أنزل الله والسير بالطريقة نفسها التي قام بها رسول الله ﷺ في إقامة الدولة الإسلامية.


لقد كانت الصحوة إرهاصاً لتؤتي هذه الصحوة الإسلامية أكلها ويعود الحكم بما أنزل الله إلى الأرض بعد غياب طويل، فقد آن الأوان أن يقول العلماء كلمتهم بما ثبت لديهم من الأدلة القطعية في القرآن الكريم من وجوب على المسلمين الحكم بما أنزل الله وحرمة تطبيق أنظمة الكفر عليهم، وما رافقها تلك الأدلة من وعد الله بالنصر والتمكين للمسلمين، قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: 51]، وفي السنة توجب على المسلمين البيعة لخليفة يحكمهم بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ، ومن بشارات واردة بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، قال ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضاً، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيّاً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثمَّ سَكَتَ» (أخرجه أحمد عن النعمان بن بشير).


ماذا ينتظر علماؤنا الأجلاء وقد فرط من نُصبوا حكاماً على المسلمين في الحكم بغير ما أنزل الله، وقد قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47] وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45] وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، وحكموا بغير ما أنزل الله، ولم يكتفوا بذلك بل سارعوا ويسارعون في الصلح مع كيان يهود مدنسي المسجد الأقصى، ورسول الله ﷺ يبشرنا بالنصر على يهود حين نقاتلهم تحت راية العقاب حين قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ»، وزاد مسلم: «إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» (متفق عليه)، وكشر الغرب الكافر مع تداعي مبدئه الرأسمالي وانكشافه على حقيقته بأنه أوهن من بيت العنكبوت، عن عدائه الصريح للمسلمين، فها هو اليوم يصم الإسلام بالإرهاب بغية تدميره ويصم المسلمين بالإرهابيين رغبة في القضاء عليهم، أو صرفهم عن قبلتهم.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس شفيق خميس – ولاية اليمن

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة