الجهاد قضية مصيرية وهو ماض إلى يوم القيامة لإخراج الناس من الظلمات إلى النور


الجهاد من القضايا المصيرية للأمة الإسلامية؛ ذلك أن الله عز وجل بعث رسوله ﷺ إلى الناس كافة، برسالة تنظم حياتهم وتحل مشاكلهم وتعين لهم طريقة العيش التي يجب أن يعيشوها، رسالة تحمل القيم الروحية والخلقية والإنسانية والمادية، تشكل نمط المجتمع الذي يجب أن يكون، هذه الرسالة إذا أحسن تطبيقها حققت الطمأنينة والهناءة والسعادة للشعوب.


وحتى تصل رسالة الرحمة إلى الشعوب كافة لا بد من حملها لهم عن طريق الدعوة والجهاد، فإقامة دولة الخلافة وتطبيق الإسلام فيها هو القضية المصيرية الأولى، وحمل الإسلام إلى العالم القضية المصيرية الثانية، التي يجب أن تتخذ الأمة الإسلامية حيالها الموت أو الحياة، لذا كان الجهاد ذروة سنام الإسلام، كما قال رسول الله ﷺ، وكان الجهاد فرضاً على الأمة الإسلامية.


قال الله تعالى ذكره: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة: 29]


وقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 36]


وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: 73]


وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة: 9]


ورتب على الجهاد الثواب العظيم الذي يناله المجاهد وهو دخول الجنة ليعيش فيها خالدا مخلدا، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 111]


فهذه الآيات الخمس جاء فيها الأمر بالقتال عاما ومطلقا؛ ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾ ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾، ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وهو متضمن معنى الأمر ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾؛ فكلها ظاهر فيها العموم والإطلاق فتكون دليلا على أن الجهاد هو قتال الكفار سواء أكان مبادأة بالقتال أم كان دفاعا عن المسلمين أو عن بلاد الإسلام، فهي تشمل الحرب الدفاعية والحرب الهجومية وكل نوع من أنواع الحروب من غير أي تخصيص أو تقييد، لعدم وجود ما يخصص هذا العام أو يقيد ذلك المطلق.


وقد حث رسول الله ﷺ على الجهاد بجملة من الأحاديث منها:


قال رسول الله ﷺ: «انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ» (رواه البخاري).


وقال: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِماً مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» (رواه البخاري).


وقال: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (رواه البخاري).


وقال فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى: «أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي خَرَجَ مُجَاهِداً فِي سَبِيلِي ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي، ضَمِنْتُ لَهُ أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَإِنْ قَبَضْتُهُ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ وَأَرْحَمَهُ وَأُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ» (رواه النسائي).


وقال: «جَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يُنَجِّي اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ» (رواه أحمد).


وقال: «أَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي وَأَسْلَمَ وَهَاجَرَ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَأَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي وَأَسْلَمَ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ، مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَمْ يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَباً وَلاَ مِنَ الشَّرِّ مَهْرَباً، يَمُوتُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَمُوتَ» (رواه النسائي).


وقال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» (رواه البخاري).


وقال لأبي سعيد: «مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبّاً وَبِالْإِسْلَامِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: «وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (رواه مسلم).


والجهاد يختلف عن الاستعمار الذي مارسه الغرب الكافر علينا، فالاستعمار كان لنهب ثروات الشعوب عن طريق وضع اليد على المواد الخام التي تحتاجها صناعاتهم، وعن طريق جعل البلاد المستعمرة سوقا لمنتوجاتهم، وفي سبيل السيطرة التامة على الشعوب المستعمرة حملوا رسالة الفساد والإفساد والحروب والدمار والويلات، فلم يحصل في تاريخ البشرية حروب عالمية تشترك فيها مجموعات كبيرة من الدول إلا في عهد الحضارة الرأسمالية البغيضة، قتل فيها ملايين الأشخاص؛ ففي الحرب العالمية الأولى شارك فيها 100 مليون من 30 بلدا وقتل فيها 10 ملايين وجرح فيها 20 مليونا، أما في الحرب العالمية الثانية فقد تراوح القتلى ما بين 50 إلى 85 مليون إنسان!


ولا زالت حضارة الكافر المستعمر تشعل الحروب الدولية والإقليمية وتمد جميع الأطراف بالسلاح حتى يقضي بعضهم على بعض وهي تربح المليارات بل التريليونات من بيع الأسلحة.


فحروب فلسطين والبوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول شاهدة على نتن حضارتهم وإجرامها، فحصارها للعراق وحده قضى على مليون طفل عراقي بسبب نقص الطعام والدواء، عدا عن الملايين الذين قضوا في المعارك، وملايين المشردين في مخيمات اللجوء.


ولم تكتف هذه الحضارة المجرمة بإشعال الحروب العسكرية، وإنما تقوم بحروبها البيولوجية، لتبيعهم المطاعيم والأدوية، ولا يهمها من مات ومن عاش، المهم أن تستولي على ثروات العالم.


ولم تكتف بذلك بل تتفنن في صناعة الجوع والفقر، ثم لا تخجل في إرسال بعض أكياس الطحين هدية من الشعب الأمريكي!


وليتها وقفت عند هذا الحد، بل استخدمت الدافع الروحي عند المسلمين وهو “حب الجهاد والاستشهاد” لترسلهم في معارك طاحنة تخدم أغراضها، حتى إذا حققت ما تريد أطلقت عليهم وصف الإرهاب، وأعلنت حربها عليهم لتشويه مفهوم الجهاد وتكريه المسلمين في سر قوتهم التي لا تدانيها قوة، فالمسلمون لديهم الدافع الذاتي القوي لمقاتلة الكفار والصمود أمامهم وتحديهم مهما كانت قوتهم، وفي الوقت ذاته لا يوجد لدى جنودهم دافع للقتال ويفتقدون الروح النضالية. وهم يدركون تماما أن جنودهم لا يصلحون للخدمة العسكرية. لذلك دعا بوش الابن إلى الحرب على الإرهاب، وأن من لم يشترك معه في الحرب كان ضده، ومن كان ضده ضربه بعمليات إرهابية في عقر داره كفرنسا مثلا التي اشتعلت فيها النيران من كل جانب وقامت فيها أعمال عنف لم تتوقف إلا بعد أن شاركت أمريكا حملتها ضد الإرهاب.


وحقيقة الحرب هي ضد الإسلام والمسلمين، بدليل أن بوش وصف سورة براءة بأنها سورة إرهابية وأن فيها 22 آية تحث على الإرهاب. وواضح من كلامهم وأفعالهم أن المقصود بالحرب على الإرهاب هو الحرب على الإسلام والمسلمين، ليتركوا الدعوة إلى تطبيقة بإقامة الخلافة والدعوة إلى حملة للعالم ونشره عن طريق الجهاد. فمكافحة الإرهاب أحد أهم المخالب الغرب لمحاربة الإسلام والفتك بالأمة. فأمريكا فتكت بالأمة عندما أعلنت الحرب على الإرهاب فاحتلت أفغانستان، وفتكت بالأمة عندما احتلت العراق، ولا زالت تفتك بالأمة هي وبريطانيا في حروبهم في ليبيا واليمن، وفرنسا تفتك بالأمة في حربها على الإرهاب في مالي وأفريقيا الوسطى.


لذلك الحذر كل الحذر، أن يسمح المسلمون للكفار، أن يستغلوا حبهم للجهاد والاستشهاد في خوض معارك تحقق أهدافهم حتى لو كان فيها قتال للكفار، لذا لا بد من الوعي السياسي عند المجاهد، قبل الإقدام على القتال لتصح نيته ويقبل الله عمله، هل القتال لتحرير فلسطين وإقامة دولة وطنية يطبق فيها أحكام الكفر جهاد في سبيل الله؟ وهل القتال لهدم النظام الاشتراكي وإقامة دولة ديمقراطية علمانية في سوريا جهاد في سبيل الله؟ وهل إزالة النظام اللليبي أو اليمني وتسليمه لحكومة تباركها دول الاستعمار باسم هيئة الأمم المتحدة جهاد في سبيل الله؟…


لقد فهم الرسول ﷺ موقف عثمان بن عفان عندما رفض أن يؤدي العمرة وهو في مكة لما عرض عليه المشركون ذلك، عندما ذهب مفاوضا المشركين حتى يسمحوا بدخول رسول الله ﷺ والمسلمين إلى مكة لأداء العمرة، فقال المشركون لعثمان: هذه الكعبة أمامك أدّ عمرتك نحن لا نمنعك عنها، فقال لهم: لا أطوف حتى يطوف رسول الله.


وفي المشهد الآخر خارج مكة، قال أحد المسلمين أمام الرسول ﷺ: أن عثمان يؤدي العمرة الآن، فما كان من رسول الله إلا أن نفى هذه التهمة عن عثمان وقال: لن يفعلها عثمان، لأن الصحابة يفهمون الأحكام الشرعية فهما سياسيا، وهذا ما دعا عبد الله بن أبي أن يمنع أباه من أداء العمرة عندما أرسلت له قريش أنها لا تمنعه، ورفع في وجهه السيف.


هذا الوعي السياسي للأحكام الشرعية هو ما يجب أن يكون عليه كل مسلم، فالوعي السياسي هو الذي يقي المسلم من الوقوع في حبائل الغرب الكافر وخدمته دون أن يشعر.


أسأل الله العظيم أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجاح السباتين – ولاية الأردن

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة