يا أهل النصرة استجيبوا لله ورسوله


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنام، الحمد لله الذي أسعد بجواره من أطاعه واتقاه، وقضى بالذل والهوان على من خالف أمره وعصاه وبعد:


ليس الإسلام ديناً روحياً أو فلسفة عقلية يتسلّى بمطالعتها ويدرسها بعض من يعشقها، بل الإسلام دين ودولة؛ وفي طبيعته أن تكون له دولة؛ توجب الحكم بما أنزل الله تعالى في كتابه الكريم وتنفيذ كل أمر فيه، ومن هنا فإن أوامر الله ونواهيه في الكتاب والسنة تقتضي تنفيذ حكم إسلامي بإقامة دولة إسلامية على أساس ما أنزل الله في كتابه الكريم، وأوحى به إلى رسوله بسنته النبوية الشريفة، لأن الإسلام لا يمكن أن يقوم على وجهه الصحيح في ظل دولة غير إسلامية لا يهمها أن يُقام ولا يضرُّها أن يُنتقصَ منه.


لذا كان لزاماً على المسلمين معرفة الطريقة المثلى والصحيحة لإعادة الإسلام إلى سُدّة الحكم بعد أن خرج المسلمون عن جادته، وذلك بعد أن تركوا الإسلام عملياً وفرّطوا في دينهم ووحدتهم بزوال الخلافة في بدايات القرن الماضي 1924م، وأصبح من الضرورة بمكان العودة إلى الإسلام بإقامة حكم الإسلام في الأرض لاستئناف الحياة الإسلامية، وأضحى المسلمون يعون أنهم بغير الإسلام سيبقون في ذيل الأمم، وباتوا يفكرون بكيفية العودة إلى الإسلام بإعادته إلى الحياة ليخلصهم من تبعية الغرب إلى عبادة الرّب، وأصبح ذلك إشكالاً لديهم بعد ما حل بهم من ضعف الإيمان وعدم فهم للإسلام فهماً صحيحاً كما جاء به من عند الله تعالى سيدنا محمد ﷺ.


ومن هنا نجد أن المسلمين تتقاذفهم مفاهيم عدّة؛ مثل: أن الإسلام هو الأخلاق وإصلاح الفرد والتربية الجيدة والعبادات، ومنهم من جمل أفكاراً هدامة؛ مثل: الديمقراطية هي الشورى، ولا سياسة في الإسلام، ما لقيصر لقيصر وما لله لله؛ أي فصل الدين عن الحياة، وكثيرٌ غيرها من الأفكار الهدامة بفعل الغزو الفكري الغربي، مع تجنيد عملاء للغرب سُلطوا على فكر المسلمين، والأسوأ من ذلك ما نشروه بين المسلمين أن ليس في الشريعة الإسلامية طريقة معينة لإيجاد المجتمع الإسلامي أصلاً، على اعتبار أن ما قام به رسول الله ﷺ في المرحلة المكية إلى المرحلة المدنية ما هي إلا تجربة تاريخية مضت في وقتها وانتهت – مع أنها وحي يجب أن يُتبع في كل عصر ليس فيه حياة إسلامية – فهي فكرة أوجدها الغربيون الرأسماليون حيث برعوا في قلب الصورة بحيث بات عند فئة من المسلمين استحالة العودة إلى الإسلام متمثلاً بالخلافة، وأن الإسلام يجب أن يواكب الغرب في بعض الأفكار والقوانين الوضعية التي لا تتناسب مع الإسلام.


نقول إنه آن للمسلمين الآن أن يقلبوا الصورة التي قلبها الغرب، ويستبينوا أن الإسلام دين منه الدولة؛ والإسلام سياسة؛ يسوس الرعية بحكم الله ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾؛ وأنه آن الأوان أن يدركوا أن الطريقة الصحيحة هي فقط طريقة رسول الله ﷺ في إقامته الدولة الإسلامية الأولى، فإن ما قام به الرسول ﷺ في مكة ليس من بنات أفكاره بل هو وحي من الله سبحانه؛ فقد قام ﷺ في مكة بالاتصال سراً بمن كان يأنس بهم الاستعداد والاستقامة والقبول، ومن ثم إعداده للفرد الذي قبل الدعوة من حيث بناؤه عقدياً بالعقيدة الإسلامية، وسلوكياً وهي الناحية العملية بالأحكام والعبادات واتباع الأوامر والنواهي؛ أي إعداده عقلياً ونفسياً ليكون شخصية إسلامية مميزة التفكير والشعور، وعن طريق هذه الفئة المميزة كوّن ﷺ تكتُّلاً (حزباً) سرياً يجمع شخصيات سيكون منها الفقهاء والمفكرون والقادة، ويكون كل من هذه الشخصيات لبنة صالحة في بناء المجتمع الإسلامي القادم، وهذا يتطلب عملاً جماعياً وتكتلاً سياسياً مبدئياً صلبا، لأنه سيواجه المجتمع ويصارع فكراً يناقض ما جاء به رسول الله ﷺ ويضرب ما ألفه الناس، لذلك كان ﷺ يواصل تثقيف هذه الكتلة وإعدادها لتكون شخصيات راقية في فكرها قوية صلبة ملتهبة الأحاسيس لتستطيع مواجهة المجتمع الكافر.


ولم يقتصر المصطفى ﷺ في هذه المرحلة على بناء الفرد وتثقيفه وإعداده بل كان يرسل بعض الأفراد إلى المجتمعات الفاسدة؛ كأبي ذر الغفاري عندما اطمأن الرسول ﷺ إلى تثبيته من العقيدة وفهمه للإسلام أرسله إلى قومه حتى أتى بهم إلى المدينة مسلمين، وظل الرسول ﷺ في هذه المرحلة بالتعليم وإعداد للأفراد إلى أن دقت ساعة الانتقال إلى المرحلة التالية، مرحلة التفاعل مع أهل مكة والصراع الفكري والكفاح السياسي مع السادة منهم، بعدما جاء أمر الله ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾، وهذه المرحلة؛ أي مرحلة التفاعل مع المجتمع تعني دائماً وأبداً التصادم مع العلاقات القائمة بين الناس والحكام؛ أي حكام ومحكومين، ومع مكونات هذا المجتمع من عقائد وأفكار ومشاعر وأنظمة وقوانين وأعراف وتقاليد وعادات مستحكمة فيهم وغيرها من روابط يرفضها الإسلام.


ونلاحظ أن هذه المرحلة تواجه المجتمع بفئتيه؛ الأولى ما يحمله الناس من فكر ومشاعر وعبادات وسلوكيات باطلة وهذا الصراع الفكري، والفئة الثانية مواجهة الحكام والصراع مع الأنظمة القائمة؛ أي مواجهة الحكام وتسفيه ما كانوا يحكمون به الناس وما يعبدون، فالرسول ﷺ لم يفصل بين الحكام والمحكومين بل واجه الساسة والمسوسين على حدٍ سواء.


إلا أن سير الدعوة في التفاعل مع الناس في تحميلهم الإسلام قد يؤدي إلى الرفض أو القبول، ففي حالة القبول يتحول إلى الرأي العام في المجتمع لصالح المبدأ، وهنا تكون الكتلة انتقلت إلى المرحلة الأخيرة وهي طلب النصرة، وهذا الفهم لطلب النصرة مستنبط أيضاً من سيرة الرسول ﷺ مما جعل التكتل الذي يسير على طريقة الرسول ﷺ يؤكد ويجزم أن طلب النصرة من أهل القوة، هو من طريقة العمل لإقامة الدولة، وهو من أعظم الأعمال التي دل عليها الوحي من فعل الرسول ﷺ وبيان ذلك؛ أنه ﷺ عندما وصلت دعوته في مكة مع زعماء قريش إلى طريق مسدود رغم نجاح التفاعل حيث كان الرفض من قِبَل زعماء قريش، قُبيل وفاة عمه أبي طالب حيث أيقن الرسول حين اجتمع بهم بناء على طلبهم أنهم لم يقبلوا أي تحوُّل في مجتمعهم أو تغيير، وهم أيقنوا أن الرسول ﷺ لم يعطهم شيئاً من تنازل أو تسوية أو حل وسط، فهو لم يقبل أن يُعبد إلهه سنة وآلهتهم سنة، ولم يقبل الحكم والمال الطائل المعروض عليه مقابل تخليه عن قلب المجتمع وتغيير ما ألفه حيث رفضوا دعوته رفضاً تاماً.


وهناك نقاط فاصلة في حياة الرسول ﷺ المكية سجلتها السيرة تُنير لنا الطريق لنسير على نهجها في التمسك بالمبدأ وعدم التهاون فيه لإنجاح الأمر:


لما اشتكى أبو طالب المرض حيث اشتد عليه وبلغ قريش ثقله، قالت قريش: إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر محمد في القبائل في مكة كلها؛ فانطلقوا بنا إلى أبي طالب؛ فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطيه عنا، والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا، قال ابْنِ عَبَّاسٍ: مَشَوْا إلَى أَبِي طَالِبٍ فَكَلَّمُوهُ، وَهُمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى، وَتَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ، وَقَدْ عَلِمْتَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَادْعُهُ، فَخُذْ لَهُ مِنَّا، وَخُذْ لَنَا مِنْهُ، لِيَكُفَّ عَنَّا، وَنَكُفَّ عَنْهُ، وَلِيَدَعَنَا وَدِينَنَا، وَنَدَعَهُ وَدِينَهُ، فَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ، فَجَاءَهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي؛ هَؤُلَاءِ أَشْرَافُ قَوْمِكَ، قَدِ اجْتَمَعُوا لَكَ، لِيُعْطُوكَ، وَلِيَأْخُذُوا مِنْكَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَمْ، كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تُعْطُونِيهَا تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ، وَتَدِينُ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ». قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: نَعَمْ وَأَبِيكَ، وَعَشْرَ كَلِمَاتٍ. قَالَ: «تَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ. وَتَخْلَعُونَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ». قَالَ: فَصَفَّقُوا بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: أَتُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ أَنْ تَجْعَلَ الآلِهَةَ إلَهاً وَاحِداً، إنَّ أَمْرَكَ لَعَجَبٌ! قَالَ: ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: إنَّهُ وَاللهِ مَا هَذَا الرَّجُلُ بِمُعْطِيكُمْ شَيْئاً مِمَّا تُرِيدُونَ، فَانْطَلِقُوا وَامْضُوا عَلَى دِينِ آبَائِكُمْ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ.


ولما هلك أبو طالب نالت قريش من الرسول ﷺ من الأذى ما لم تكن تناله منه في حياة عمه، فخرج ﷺ إلى الطائف يلتمس النصرة والمنعة من ثقيف رجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل، فخرج إليهم وحده، فأبوا عليه ورفضوه وردوه شر رد، ثم قدم مكة وكان قومه اشتد ما كانوا عليه إلا قليلاً من المستضعفين ممن آمن معه، فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ يعرض نفسه في الْمَوْسِمِ على قبائل العرب، يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل، ويسألهم أن يصدقوه أو يمنعوه حتى يبين عن الله ما بعثه به. فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ كُلّمَا اجْتَمَعَ لَهُ النّاسُ بِالْمَوْسِمِ أَتَاهُمْ يَدْعُو الْقَبَائِلَ إلَى اللّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ وَيَعْرِضُ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ اللّهِ مِنْ الْهُدَى وَالرّحْمَةِ وَكان لَا يَسْمَعُ بِقَادِمِ يَقْدَمُ مَكّةَ مِنْ الْعَرَبِ، لَهُ اسْمٌ وَشَرَفٌ إلّا تَصَدّى لَهُ فَدَعَاهُ إلَى اللّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا عِنْدَهُ.


فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ إظْهَارَ دِينِهِ وَإِعْزَازَ نَبِيّهِ ﷺ وَإِنْجَازَ مَوْعِدِهِ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ فِي الْمَوْسِمِ الّذِي لَقِيَهُ فِيهِ النّفَرُ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى القَبَائِلِ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فِي كُلّ مَوْسِمٍ. فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ لَقِيَ جماعة مِنْ الْخَزْرَجِ أَرَادَ اللّهُ بِهِمْ خَيْراً. فكانوا ستة نَفَرٌ فَأَجَابُوهُ فِيمَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ وصَدّقُوهُ وَقَبِلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ الإسلام، وَقَالُوا: إنّا تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالشّرّ مَا بَيْنَهُمْ فَعَسَى أَنْ يَجْمَعَهُمْ اللّهُ بِك، فَسَنَقْدَمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إلَى أَمْرِك، وَتَعْرِضُ عَلَيْهِمْ الّذِي أَجَبْنَاك إلَيْهِ مِنْ هَذَا الدينِ فَإِنْ يَجْمَعْهُمْ اللّهُ عَلَيْهِ فَلَا رَجُلَ أَعَزّ مِنْك. فَلَمّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ إلَى قَوْمِهِمْ ذَكَرُوا لَهُمْ رَسُولَ اللّهِ ﷺ وَدَعَوْهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ حَتّى فَشَا فِيهِمْ فَلَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إلّا وَفِيهَا ذِكْرٌ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ﷺ، بعدما أرسل مصعب بن عمير يعلمهم دينهم.


بعد هذه الصور آنفة الذكر يتبين أنه ﷺ بدأ أعمال النصرة عند نقطة ما من السير بالدعوة، وهي أعمال من أعظم الأعمال السياسية التي داوم عليها الرسول ﷺ ولم يكن يعلم من أين سيأتي الفرج والنصر حتى جاءت البشرى من المدينة، وتبين لنا أن إقامة الدولة الإسلامية هي أعظم الواجبات؛ فهي حكم شرعي وطريقة إقامتها واجب شرعي وحكم شرعي واجب التلبس به، وأنه لا إسلام في المجتمع من دون تطبيق الإسلام الذي أساسه العقيدة الإسلامية إلا بدولة، وبهذا تكون عودة المسلمين إلى الإسلام اليوم إنما هي بإقامة الدولة الإسلامية على أساس العقيدة وبالطريقة التي جاء بها الوحي، إذ كلها أحكام شرعية واجبة، ونقول لمن يعرضون عن الذكر ويقلبون الصور والحقائق؛ قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.


ومن هنا نرى أنه حين اطمأن الرسول ﷺ إلى استعداد أهل المدينة لاستقباله ونصرته واحتضان مبدأ الإسلام، هاجر إلى المدينة حيث قاد المسلمين إلى دولة مميزة لا مثيل لها في تاريخ البشرية، وظهر ذلك في إرساله للرسل إلى ملوك الأمصار يدعوهم إلى الإسلام مصدقاً قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾ وقوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ قام بإرسال السرايا التي كانت تعترض المشركين وتبرز قوة المسلمين ودعوة الإسلام التي أتت أُكُلها، وأنها دعوة مستمرة رغم عداء الكفار واليهود، وقام أيضاً بإخضاع يهود لحكم الإسلام وعقد الصلح مع الكفار بما فيه من مصلحة الإسلام والمسلمين؛ مثل صلح الحديبية، وكانت غزوته الفاصلة بين الحق والباطل حتى أخضع معظم الجزيرة العربية للإسلام ولم يتوان أبداً في تطبيق الأحكام الشرعية داخل الدولة وخارجها.


فكان تطبيق الرسول للشرع خير صورة لإدارة الدولة في المعاملات والعلاقات الدولية وإقامة الحدود وإدارة الجهاد في سبيل الله من خلال تلك الدولة المتميزة، وتحريك الجيوش كان جزءاً لا يتجزأ من عمل القيادة والقائد وسماته الإسلامية.


ونختم القول بأن النهوض بالمسلمين وإعادة دولتهم من جديد لا يتأتى إلا بجماعة (كتلة) واعية مخلصة قائمة على أساس الإسلام مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، على أن تكون هذه الجماعة تمتلك منهاجاً لتغيير يتجلى في معرفة كيفية إيصال الإسلام إلى الحكم لتغيير النظام من أساسه حسب الشرع المنزل من الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، وهذه الجماعة (الكتلة) لا بد لها من مشروع للدولة يتضمن نظرته وتصوره لنظام الحكم وتفصيلاته وكيفية تطبيقه، قال تعالى: ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾.


نسأل الله العلي العظيم أن يعجل بقيام دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، تقيم شرع الله وتوحد شمل المسلمين وكلمتهم وتنشر الخير للعالم أجمع وما ذلك على الله بعزيز.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نادية محمد – الأرض المباركة (فلسطين)

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة