بالخلافة وحدها ينتشر العدل ويسود الاطمئنان


الناظر إلى العالم اليوم يجد أن الدول فيه تتنافس على من يتصدر قائمة الدول الفاشلة، فكلها أثبتت الفشل الذريع على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وذلك لعدم معرفتها لماهية الحكم والأساس الصحيح الذي تقوم عليه الدولة. فمفكرو الغرب يعرّفون الدولة على حسب ما جاء في معاهدة اتفاقية مونتيفيديو للدولة والتي وُقعت عام 1933م في الأوروغواي حول حقوق وواجبات الدولة، إذ تمّ تحديد أربعة معايير لتعريف الدولة، وهي: الحكومة، ومجموعة من السكان الدائمين، ومنطقة مُحدّدة، والقدرة على إقامة علاقاتٍ مع دولٍ أخرى، كما أعلنت الاتفاقية أيضاً أنّه يمكن أن تقوم دولة ما حتّى لو لم تعترف بها البلدان الأخرى، ووقتها لم يكن كيان يهود موجوداً!


أمّا نظرية تأسيس الدولة، وهي على عكس معاهدة اتفاقية مونتيفيديو، وتفيد بأنّ الدولة تكون موجودةً في حال اعترفت البلدان الأخرى بسيادتها، ممّا يعني أنّ الدولة تُعتبر مستقلةً إذا اعترفت البلدان الأخرى بذلك.


يتضح من خلال هذين التعريفين مدى تحكم النظرة الرأسمالية الاستعمارية في إنشاء الدول والكيانات والدويلات المصطنعة ككيان يهود المسخ فيفرضون الانتماء إلى منظماتهم الدولية (الأمم المتحدة) حتى تنال الاعتراف الدولي للدولة الوليدة.


أما تعريفهم بأن الدولة هي حكومة وسكان ومنطقة محددة فهذا غير منطبق على واقع الدولة أي دولة كانت. والسؤال هو ما هي العلاقة التي تربط بين مكونات تعريف الدولة عند مفكري الغرب؟ وعلى أي أساس توضع القوانين والتشريعات التي تنفذها السلطة، وكيف يحاسب الشعب الحاكم؟ مثلاً ولاية كاليفورنيا هل تعتبر دولة؟ أليس فيها شعب وحكومة؟ أليس فيها أرض؟ إذاً لماذا لا تعتبر دولة؟ لأن الذي يربط كاليفورنيا مع بقية الولايات هي تلك العقيدة الرأسمالية التي تؤمن بفصل الدين عن الحياة والتي انبثق عنها النظام الفيدرالي الذي آمن به أهل تلك الولايات فأصبح رابطاً بينهم فقامت دولة الولايات المتحدة الأمريكية.


وبالتالي تعريف الدولة بأنها أرض وشعب وسلطة هو تعريف لا يطابق الواقع. والتعريف الصحيح للدولة هو أنها كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي آمنت بها مجموعة من الناس في مكان ما، وتنشأ الدول بنشوء الأفكار والمفاهيم والقناعات التي آمنت بها تلك المجموعة من الناس، ومن هنا تختلف الدول باختلاف المفاهيم والمقاييس والقناعات. مكونات الدولة يجب أن تقوم على فكرة مبدئية؛ عقلية تتعلّق بواقع نظام الحكم، وقواعده، وصفاته، وشكله، وطريقة إيجاد السلطان فيه، وتحوّله، ومادية تتعلق بالأمن والأمان، والقوة والنصرة والشوكة، والمكان وطبيعة الأرض ومساحتها، وموقعها الجغرافي والطبوغرافي، والموارد والثروات المتوفرة، والمرافق والتجهيزات الخدمية المُتاحة، والبُنى التحتية الموجودة.


أما واقع الدول الفاشلة القائمة اليوم فيرجع إلى وجودها داخل إطار النظام الرأسمالي الفاشل الذي يعود فشله إلى أساس فكرته؛ فصل الدين عن الحياة، وذلك بجعل العقل العاجز الناقص المحتاج هو الذي يعالج المشكلات ويؤسس للعلاقات، فكان علاجه متأثراً بالبيئة التي يعيش فيها والهوى والمزاج، فكان الجشع والاستعمار. يقول جيفري غارتن أستاذ علوم التجارة والتمويل الدولي في جامعة بيل ومساعد وزير التجارة الأمريكي الأسبق في إدارة كلينتون: “أصبح الآن واضحاً بشكل يثير الذعر أن خطط الإنقاذ العالمية ما زالت غير كافية”، ثم يقول: “إننا نقف على شفا مصيبة لن تقف فقط عند انهيار النظام البنكي وتعميق التباطؤ الاقتصادي العالمي بل سيتمخض عنها قلاقل وحالة من عدم الاستقرار السياسي”. ويقول كلينتون متحدثاً عن فشل الرأسمالية: “نظام التعددية الأمريكي هو نظام فاشل لأن الشركات تمتلك المال وبواسطة المال يتم إفشال هذا النظام”. هذا بالنسبة لما يسمى بالعالم المتقدم، أما ما يسمى بالعالم الثالث فقد أصدرت مجلة فورين بوليسي في عام 2007م تقريراً تصنف فيه الـ177 دولة وتبين درجة كل منها ضمن مقاييس الدول الفاشلة حسب وجهة نظرهم، ووضعت المجلة مؤشرات ومقاييس للدولة الفاشلة:


1- الضغوط الديموغرافية من قبيل سوء توزيع السكان وتعدادهم والنزاعات بينهم.


2- اللاجئون والمهجرون والمشاكل الناشئة عن الهجرة واللجوء.


3- تغليب النظام السياسي لصالح أقلية معينة يوفر لها حقوقاً على حساب الأكثرية المحرومة.


4- هجرة العقول من أوطانهم والاغتراب داخل المجتمعات.


5- غياب التنمية الاقتصادية وعدم المساواة بين السكان في الوظائف والخدمات.


6- وجود تراجع اقتصادي حاد واختلال في الميزان التجاري وضعف في سعر صرف العملة المحلية وانخفاض في معدلات الاستثمار وهبوط في الدخل الإجمالي.


7- فقدان شرعية الدولة وفساد الحكام وغياب المحاسبة والشفافية وضعف الثقة بالمؤسسات.


8- تدهور حاد في تقديم الخدمات العامة للجمهور.


9- انتهاك القانون وحقوق الإنسان.


10- تشتت الأمن؛ دولة داخل دولة بسيطرة نخبة عسكرية داخل الجيش أو تكوين قوة أمنية خاصة واندلاع نزاعات مسلحة بين مراكز القوى المسلحة.


11- تنامي الانشقاقات داخل النخب الحاكمة نفسها وحدوث انشقاقات دستورية.


12- تدخل دول أخرى في الشؤون الداخلية من خلال دعم التنظيمات العسكرية وشبه العسكرية.


السؤال: من الذي أفشل هذه الدول ومن الذي أفقرها ومن الذي انتهك سيادتها وأوجد القلاقل والانشقاقات وجعل أبناءها يهربون من جحيمها؟ أوليست الرأسمالية التي تجعل الرغيف آكله أنا أم أنت؟!


إن العالم الآن يحتاج إلى دولة قائمة على مبدأ صحيح مقنع للعقل وموافق للفطرة، ولا يوجد هذا إلا في الإسلام الذي تطبقه دولة الخلافة التي عاشت ثلاثة عشر قرناً من الزمان لم يشهد العالم فيها فقراً عالمياً، بل أوجدت الاستقرار والطمأنينة مما جعل غير المعتنقين للإسلام يدافعون عن نظام الإسلام كما حصل من نصارى الشام أيام الحروب الصليبية.


وفي هذه الأيام تمر على المسلمين الذكرى المئوية لهدم دولة الخلافة، فما أحوجهم إلى أن يعيدوها سيرتها الأولى خلافة راشدة على منهاج النبوة فتنشر العدل ويسود الأمن والأمان والاطمئنان.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ عبد السلام إسحاق
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة