هدمت الخلافة فخسرت الأمة والحل العمل مع جماعة لإعادتها من جديد

لقد فقد المسلمون أموراً كثيرة منها: الحكم بما أنزل الله، وفقدوا سلطان الإسلام وسيادته، فقدوا ثرواتهم، فقدوا بلادهم، فقدوا وحدتهم وجماعتهم، فقدوا الكثير من الأمور، وهذه الأمور مشبعة في مقالات كثيرة في مجلة الوعي.

 

لكني سأتحدث عن الموضوع من زاوية أخرى على شكل مقارنة، كيف كنا وكيف صرنا الآن بعد هدم خلافتنا، كيف كانت الناحية السياسية والناحية الاقتصادية والناحية الاجتماعية والناحية التعليمية والناحية القضائية، ونكتفي بذكر الناحية السياسية.

 

إن الأمة التي كانت على مدى قرون طويلة، الأمة الأولى في العالم والدولة الأولى وصاحبة المدنية الأولى والثقافة الأولى في العالم والتي كان العالم كله يحسب حسابها ويخشى صوتها وسطوتها ويسمع راغما أو طائعا لكلمتها، باتت في الصفوف الأخيرة، تدوسها أقدام الغزاة ونعال الأقزام اللئام، وبعد أن كانت دولة واحدة قوية عزيزة، صارت مجزأة إلى ما لا يكاد يحصى من الكيانات الكرتونية والدويلات الصغيرة التي يطلق عليها تجاوزا بل زورا وبهتانا اسم الدولة.

 

وبعد أن كان قادة المسلمين في كل مكان يهبون ويسارعون بلا تردد تلبية لنصرة، صرخة انطلقت من ثغر امرأة مسلمة تصيح وا إسلاماه وا معتصماه وا خليفتاه، فيحرروا البلاد ويقتلوا الأعداء، بعد ذلك كيف صار قادتنا الروبيضات خانعين لأعدائنا!

 

لا أدري من أين أبدأ؟ أمن أفغانستان أم من بغداد أم من فلسطين أم من سوريا أم من اليمن… فالحال واحد؛

 

 واقع الأمة الإسلامية حروب ودمار فيما بينهم، غير مدركين لعدوهم الحقيقي الذي يلعب بأرواحهم وينهب ثرواتهم ويشعل الحروب في بلادهم، ألا وهو دول الكفر وعلى رأسها الأمم المتحدة بقيادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا، التي امتدت أيديها لتنتهك ثروات المسلمين وتشعل نار الفتنة فيما بينهم. صراعات ضاربة قدمتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر وليبيا وتونس والشيشان وأفغانستان وغيرها الكثير من بلدان المسلمين، كل هذه البلدان يعاني أهلها الألم الذل والاضطهاد والدمار، ولسان حالها يقول:

 

في جرحنا غضب في صمتنا ألم *** في القلب بركان يكاد ينفجر

بغداد كم عبثت بالمجد عاهرة *** أين الرشيد وأين العز والظفر

والقدس كم صرخت أشلاؤها وبكت *** قد باع عفتها وحش ومحتقر

شيشان يا أملا بالعز نرقبه *** عند الصباح وذاك الدب يحتضر

صنعاء يملؤها حزن وفي عدن *** حرب الصواعق لا تبقي ولا تذر

صنعاء يملؤها حزن وفي تعز *** حرب البنادق والشوارع لا تبقي ولا تذر

في كل ناحية ظلم له أثر *** عم الفساد ونار الحرب تستعر

يا صرخة بلغت أسماع معتصم *** هل لامست أذنا بالحق تأتمر

 

هذا غيض من فيض، وقطرة من بحر!

 

هذا زمن الرويبضات، وصدق رسولنا ﷺ وهو يصف حالنا: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خُدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ».. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَةِ». سبحان الله! إذا أردنا أن نصف بصدق جميع المسؤولين في بلادنا الإسلاميّة اليوم لقلنا هم التافهون الذين ينطقون بأمر العامّة.

 

فواجب على الأمة الإسلامية أن تستعيد سلطانها المسلوب من خلال العمل الجاد مع حزب التحرير الذي قام استجابة لقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وهو يعمل بين الأمة ومعها لتتخذ الإسلام قضية لها، وليقودها لإعادة الخلافة والحكم بما أنزل الله إلى الوجود. فحزب التحرير هو حزب مبدئي، يعمل لإقامة فرض الخلافة بشكل يبرئ ذمة من يعمل معه، وقد كان مبصراً لطريقته، هاضماً لفكرته، فاهماً لقضيته، واعياً على ما يحاك من مؤامرات على أمته، ساعياً إلى إقامة نهضة صحيحة يقود بها العالم قيادة سياسية وقيادة فكرية، من خلال دولة الخلافة الراشدة. وقد كان الحزب في مسيرة عمله تقياً يلتزم بالحكم الشرعي فحسب، نقياً مبعداً عن نفسه التأثر بكل ما هو ليس بشرع من هوى أو مصلحة أو تأثر بأي ثقافة أخرى، مخلصاً في عمله لله وحده بحيث لا يشرك به ولا معه أحداً، وقد خرجت اجتهاداته كلها من أصول شرعية منضبطة، وهو يسعى بكل جد أن يكون صادقاً في عمله لا تناقِض أفعالُه أقوالَه…

 

أما الأوصاف التي التزمها الحزب وسار فيها سنوات طويلة وشاقة حتى نال هذا الشرف الرفيع وهذه المكرمة، فهي:

 

أولا: الإخلاص لله تعالى فلم يضع الحزب أمام ناظريه إلا مرضاة الله سبحانه وتعالى من أول يوم، رغم حملات الإجرام التي خاضها ضده الحكام، وعملاء الحكام من المفكرين والمروجين للثقافة المعادية للإسلام على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، ورغم الإغراءات المتعددة التي عرضت على قادة الحزب في بداية تأسيسه، وأثناء رحلة سيره. فرغم المعاداة الصريحة والإغراءات الكثيرة ظل الحزب ينشد مرضاة الله تعالى، تماما كما كان رسول الله ﷺ يواجه أهل مكة وهم يعرضون عليه المال ليكون أغنى العرب، وأن يزوجوه أجمل نسائهم، وأن يجعلوه ملكا مقابل أن يترك شتم آلهتهم، وكان يجيبهم ﷺ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ لقد رفض الحزب التعامل مع أي من الأنظمة المجرمة من عملاء الاستعمار، ورفض أي منصب فيها أو مهادنتها.

 

ثانيا: النقاء والصفاء الفكري الذي امتاز به الحزب عن غيره من الحركات الإسلامية

 

فقد حدد الحزب أفكاره تحديدا دقيقا وواضحا، سواء ما تعلق منها بالفكرة أم بالطريقة نحو الهدف المنشود أم ما تعلق بغيرها من أفكار. ووضع لذلك ثقافة مكتملة من جميع جوانبها؛ سواء أكانت هذه الثقافة تتعلق بخط السير قبل الدولة، أم بعدها أثناء تسلم الأمور وتطبيق الإسلام، وما يلزم كذلك للمواجهة والتصدي للعقبات المعترضة لأي مرحلة من المراحل، قبل الدولة وبعدها.

 

والحقيقة، أن هذه الدقة وهذا التحديد لم تحظ به أية جماعة أخرى في البلاد الإسلامية، فمعظم الحركات تسير على طريق مفتوح دون تحديد لا للفكرة ولا للطريقة.

 

ثالثا: الثبات والاستمرارية على طريق العمل نحو الهدف، وهذه نعمة كبرى من الله تعالى أنعمها على هذا الحزب. فرغم مرور سبعين عاما من الكفاح المرير، ومن التصدي للعقبات، والسجون التعذيب والشهداء، ما زال الحزب متماسكا ثابتا لا تؤثر فيه الهزات العاصفة، ولا الضربات الشديدة، بل إن الحزب يزداد تماسكا ويزداد قوة، وتزداد أعداده يوما بعد يوم، وتفتح أمامه أبواب موصدة، وتقوى أواصر، وتتسع ثقافته، وتزداد نقاء وصفاء ودقة يوما بعد يوم. وهذه مكرمة من الله تعالى نالها الحزب بسبب إخلاصه لله سبحانه وتعالى، على عكس الحركات الأخرى التي انقسمت على نفسها في أكثر من بلد، وحتى داخل البلد الواحد، ومنها من آثر السلامة والانضمام تحت جناح الدول العميلة في البلاد الإسلامية، ومنها من جانب الصواب في طريقة العمل، ما أدى إلى وصوله نقطةً تراجع فيها عن كل أفكاره، وانقلب مئة وثمانين درجة عن طريقته، كما يحصل مؤخرا.

 

 قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ فالجماعات التي لم تعد نفسها إعداد صحيحا، أو تلك التي لم تعد نفسها أصلا وتركت الباب مفتوحا، تثاقلت خطاها وقعدت في نهاية المطاف تطلب مناصب ووزارات وغير ذلك من الدنيا وزينتها، أو غيرت كاملا تجاهها إلى اتجاه آخر. أما حزب التحرير فإنه قد أعد العدة بحق فكريا ومعنويا، وبنى رجالا تلين الجبال الراسية ولا يلينون، بفضل الله ومنه.

 

لقد وصل الحزب بهذه الأوصاف الطيبة إلى ما وصل إليه ناشدا مرضاة ربه عز وجل، ونال ثقة الأمة، حتى من لم يسر في طريقه، وللمواقف المشرفة. والحقيقة، إن مكان الحزب الآن هو: الوقوف مع الأمة على باب الخلافة، يحاول فتحه لها، أو كسره إن أصر العملاء من الحكام على الوقوف في وجه الأمة وتطلعاتها نحو الهدف السامي.

 

ويمكن إجمال هذا الوصف وهذ الواقع في النقاط الآتية:

 

أولا: الرأي العالم الكاسح لفكرة الخلافة وتطبيق أحكام الإسلام في كل بلاد المسلمين؛ فلا يوجد الآن والحمد لله تعالى وحده في ساحة المسلمين إلا هذه الفكرة، بعدما تحطمت كل الشعارات الأخرى مثل الوطنية والقومية والاشتراكية والديمقراطية وغيرها. والمشاهد المحسوس أن هذه الفكرة هي الغالبة في كل المظاهرات والمسيرات، وحتى الجماعات التي تطالب بالتغيير دخلت تنادي بها ظاهرا، وأيضا أخذت تبرز عند الكثير من المفكرين المرموقين في البلاد الإسلامية عبر وسائل الإعلام.

 

ثانيا: الوعي العام الذي وصلت إليه الأمة في الكثير في المناطق على الإسلام، وفكرة الخلافة، وطريقة تخليص الأمة من التبعية للاستعمار، ووعيها على حكامها وعلى عملاء الغرب الفكريين، وعلى أفكارهم. فقد وصلت الأمة في أغلب بلادنا إلى الوعي على هذه الأمور المهمة وعيا طيبا يبشر بالخير القريب بإذنه تعالى.

 

ثالثا: الأعداد الكبيرة التي انخرطت في العمل الحزبي في كل أنحاء العالم، والتي تمتاز بالإرادة الحديدية والإيمان العالي، والهمم المرتفعة، والإخلاص الخالص لله تعالى، والوعي السياسي والفكري المنقطع النظير…

 

وفي الأخير: لا بد أن ندرك أن خلاصنا هو بالعمل الجاد لقيام دولة الخلافة، ومبايعة خليفة واحد المسلمين.

 

#أقيموا_الخلافة

#ReturnTheKhilafah

#YenidenHilafet

#خلافت_کو_قائم_کرو

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أبو أيمن الأثوري – ولاية اليمن

 

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة