الأمة الإسلامية وجاهزيتها لإقامة دولة الخلافة


إن الناظر إلى الظروف السياسية السائدة في العالم اليوم يجد أن كثيرا من هذه الظروف تتهيأ بإذن الله لنشوء دولة الإسلام وتمكينها في الأرض ونشر رسالة الإسلام في ربوع العالم. وقبل أن نتكلم عن الظروف العالمية المواتية لقيام الخلافة، لا بد أن نعرج على الظروف المحلية لنشوء دولة الخلافة ومنها:


أ- خلخلة الأجهزة الأمنية، فقد عمدت دول الكفر اٍلى إقامة كيانات سياسية تضبط وجودها أجهزة أمن غاية في التعقيد، إلا أن أمريكا عندما أخذت على عاتقها إعادة بناء الشرق الأوسط على أسس جديدة فقد يكون من السهل إمكانية الوصول إلى أهل النصرة وتجاوز الأجهزة الأمنية.


ب- الرأي العام المحلي وتأصل فكرة الخلافة في البلاد الإسلامية، فلم تعد فكرة الخلافة محصورة في مكان أو إقليم بعينه، بل أصبحت واسعة الانتشار. ولقد ساعدت الأحداث السياسية والعسكرية في مختلف البلاد الإسلامية على بلورة هذا الرأي، كما أدت متابعة الحزب إلى جعل هذا الرأي منبثقا عن وعي عام. ومن أهم مظاهر الرأي العام هذا، كثرة الحركات التي أخذت تنادي أو تدعي النداء بالخلافة سواءً في العراق أو أفغانستان أو غيرهما.


ج- انحسار الطوق الإعلامي وكان ذلك بعد أن ظهرت قوة الحزب بشكل جلي في أوزبيكستان بعيد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1990، وما تلاها من اعتقالات وتعذيب وإعدام للشباب وذويهم. ثم جاء أول مؤتمر عام للخلافة في لندن سنة 1995 والذي حظي بتغطية إعلامية واسعة على مستوى العالم. ثم دخل العالم عصر الإنترنت وعصر الفضائيات ولم يعد بالإمكان فرض التعتيم الإعلامي. وما التغطية الإعلامية التي حظي بها مؤتمر إندونيسيا وما تبعه من أعمال إلا خير دليل على ذلك.


د- تراجع أثر الحركات الإسلامية والمادية في الشارع الإسلامي سواء الحركات التي قامت بالأعمال الإصلاحية والأعمال المادية، أو كذلك الحركات التي شاركت الأنظمة بدلاً من هدم تلك الأنظمة فقد وصلت بالأمة إلى طريق مسدود، وذلك لعدم تحقق نهضة الأمة أو حل مشاكلها المستعصية من الفقر والتخلف الاقتصادي والاحتلال، ما أدى إلى ضعف تأثير هذه الحركات وإمكانية استقطاب الحزب للجماهير.


هـ- ثبات الكتلة واشتداد عودها وذلك بجعل الإيمان الأساس الذي يبنى عليه كل شيء، وباعتباره الدافع للتضحية بكل ما هو نفيس. ولم تزل الكتلة تشيع في شبابها أعلى المثل، وتبعث فيهم أرقى القيم فلا يقبل الحزب في صفه مجاهرا بمعصية أو تاركا لفرض أو خائفا جبانا، أو متقاعسا عن القيام بأعباء الدعوة، أو متشككا غير حازم لأمره.


وأما الظروف العالمية لنشوء الدولة الإسلامية فنذكر منها:


1- أدى انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي وخروج المعسكر الاشتراكي من حلبة الصراع الدولي إلى بروز الصراع الداخلي بين أفراد المعسكر الرأسمالي أمريكا وأوروبا الغربية، وكذلك ظهور التناقض ما بين الديمقراطية السياسية والحرية الفكرية وذلك بسطوة الرأسماليين على الشعوب، خاصة في أمريكا حيث جاء إلى الحكم مجموعة من كبار الرأسماليين في عهد بوش الابن.


2- الاقتصاد الوهمي الافتراضي الذي نشأ في أمريكا وأوروبا الغربية لزيادة الفجوة بين أصحاب رؤوس الأموال وغيرهم، ولتحقيق التفوق الكاسح على المعسكر الاشتراكي خاصة في القضايا المتعلقة بالتنافس على مناطق النفوذ من خلال القروض والمساعدات المالية.


3- الانحراف التدريجي عن أسس المبدأ الرأسمالي وخاصة في أمريكا وبداية أفول نجمها وذلك بتقييد الحريات المطلقة للأفراد والشعوب وتقنينها بشكل يجعل الحرية خاضعة لموازين وقيم معدة لخدمة مصلحة كبار الرأسماليين. ولا شك أن الضعف الذي سيطرأ على أمريكا ومعها كثير من الدول الرأسمالية سيجعل ظروف نشوء الدولة الإسلامية أكثر تهيؤا ومواتاة.


إن ارتفاع الوعي في الأمة وازدياد حرارة الإيمان لديها قد صارت لا تطيق أجواء الظلم والفساد التي تخيم على بلاد المسلمين، فتحركت الأمة ضد العملاء والخونة الذين نصبهم الغرب الكافر على رقاب المسلمين، وجاءت الثورات متتابعة وخاطفة وهددت عروش الأنظمة العاتية، واستطاعت أن تسقط بعضاً من هؤلاء العملاء، ففزع الغرب من جديد لعملائه ولفكره، ودق ناقوس الخطر، ولمعت بين عينيه فاجعته يوم فتح القسطنطينية، فجمع كيده ثم أتى يدَّعي مناصرة الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، ويعمل على تثبيت الأنظمة ودعم الثورات المضادة، وهكذا أعلن الغرب الكافر حرباً جديدة على الإسلام والمسلمين يريد القضاء على أي حراك جاد يهدف إلى إسقاط تلك الأنظمة العميلة في بلاد المسلمين.


ومع كل ذلك البطش والجبروت والدماء والأشلاء التي أعقبت الثورات، إلا أن الأمة لم تتراجع ولا زالت تنشد إسقاط الأنظمة والتغيير. ومن هنا نستطيع القول إن هذه الأمة عصية على الكسر برغم الخطط التي وضعها الكافر المستعمر ليلفتها عن دينها وعقيدتها، وبرغم أن حجم المؤامرة كان كبيراً جداً، وبرغم أن التضليل كان متقناً لدرجة كبيرة.


إن الصراع مع الغرب صراع وجودي، وهو مستمر ولن يتوقف يوماً واحداً، ولن تنتهي معاناة أمتنا إلا إذا أدركت بما تملكه من إيمان ووعي من هم قادتها الحقيقيون من أبنائها المخلصين الذين يصلون ليلهم بنهارهم لإعادة السلطان للأمة وجعل السيادة للشرع، فيسعد الناس بحكم الإسلام وعدل الإسلام، وما هي إلا مسألة وقت ليُمكَّن للأمة بعون الله، من جديد في دولة مهيبة عظيمة تعيد سيرة الأولين من الصحب الكرام والمجاهدين العظام. ومع إحساسنا بألم المرحلة وصعوبة الواقع إلا أننا نتلمس اقتراب الأمة من حسم الصراع مع الغرب، ونتيقن بأنها قادرة على حسمه لصالحها بإذن الله تعالى وذلك لأن الأمة اليوم أكثر وعياً على إسلامها، وتريد الحكم بالإسلام فقد عرفت الأمة عدوها، وتريد الوحدة، وترفض الفرقة والتشرذم، كما أنها أسقطت الخوف من حساباتها فهي لا تخشى أعداءها.


وفي ظل هذه الظروف الصعبة وُجد من أبناء الأمة وعلمائها ثلة واعية ألا وهو حزب التحرير الذي حمل الدعوة إلى الإسلام، وإلى العمل لإقامة الخلافة، وأعد لتطبيقها دستورا، وتفصيلات في الأنظمة والأجهزة، كما أن الأمة تملك الثروات والقوى البشرية الكافية، كما قام حزب التحرير بالعمل في الأمة ومعها لإعادتها لسابق عهدها خير أمة أخرجت للناس بإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، ومع ارتفاع الوعي الإسلامي في الأمة شعر المستعمرون أن المعركة لم تحسم بعد بزوال حكم الإسلام، فما زال الإسلام في نفوس المسلمين قوياً وعصياً على الكسر، وما زالت المحاولات الجادة لإنهاض الأمة الإسلامية قائمة على قدم وساق يقوم عليها ويقودها حزب التحرير، فتجد شبابه في كل ميدان يعيدون الأمل بحكم الإسلام والثقة بأحكامه وأفكاره، وبهدم صروح العلمانية، ويكشفون مؤامرات المستعمرين الأعداء.


وختاماً، فإننا نلمس قرب الأمة من وعد ربها يوم تحسم الصراع مع الغرب لصالحها بعودة الإسلام إلى واقع الحياة، ونلمس اقتراب قيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، كما ونتشوق لأن تترعرع في ظلال دوحتها ورعاية وعدل خليفتها. واللهَ نسأل أن يجعل ذلك اليوم قريباً، وما ذلك على الله بعزيز، وما النصر إلا من عند الله، ويومئذ يفرح المؤمنون.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله القاضي – ولاية اليمن

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة