بِشارةٌ ونصرٌ


قبلَ مِائةِ سنةٍ هجريةٍ تامةٍ من هذا اليومِ، هُدمت الخلافةُ، جُنَّةُ المسلمينَ وحاميتُهم على أيدي الكافرِ المستعمرِ وعملائه المحليِّينَ، ففقدَ المسلمون بذلك مَسنَدَهم، ومُزِّقت دولةُ الأمةِ الإسلاميةِ الواحدةِ مِزَقاً حتى نافَت على خمسينَ دُويلةً. وهكذا، فإنه مهما أصابَنا من شدَّةٍ بعد ذلك فبسبب هدمِ الخلافةِ. لقد أَخَذ الكفارُ في التَّداعي علينا مثلَ ذئابٍ تَتَضوَّرُ جُوعا، فجَعلوا بلادَنا شَذَرَ مَذَرَ، وجاسُوا خِلالَ المسجدِ الأَقصى قِبلتِنا الأُولى بِبَساطِيرِهم القذِرةِ فنجَّسوهُ، ونازعُونا الصلاةَ فيهِ، وتسامَحوا في دِمائِنا التي هي أعظمُ عند الله من هدمِ الكعبةِ، فسفَكوها… نعم! لقد أخذتِ الأرضُ تضيقُ – على سَعتِها – بالمسلمينَ بعدَ هدمِ الخلافةِ، وأخَذْنا نُواجِه الآلامَ والظُّلمَ الماكِرَ في كلِ يومٍ يكِرُّ علينا… وصِرنا نُعاني شهيقَ وزفيرَ هواءِ دنيا لوَّثَها الكافرُ المستعمرُ.


أتسألون لماذا؟ لأن الدنيا قد حرمت الخلافة، لأن المسلمين أصابتهم الفاقة بمصيبة فقدها. نعم! لأن الكافر المستعمر اقتطعها من أعناقنا بل أمعن في إذلال خلفائنا بالنفي… قد يكونون نجحوا في إرسال خلفائنا إلى المنافي لكنهم بحمد الله لم يفلحوا في نفي مكانتهم من قلوبنا.


حاولوا إزالة الخلافة من ذاكرتنا بعدما أزالوها من الواقع بمختلف ضروب الدسائس، لكن مساعيهم ذهبت هباء.


ظنوا أنهم أصابوا نسل طلاب الخلافة بالعقم، لكنهم خابوا وخسروا.


ملأوا زنازينهم بدعاة الخلافة، لكن مساعيهم ذهبت أدراج الرياح.


إن البراعم التي زرعتها أيادي طلائع دعوة الإسلام ومحبي الخلافة، قد أخذت بإذن الله تتطاول مسرعة لتصبح تلك الشجرة وارفة الظلال التي بشرنا بها رسول الله ﷺ ووعدنا الله إياها. وبرغم كل الصوارف التي يجتهد فيها المخذلون، فقد أخذ فكر الخلافة في الإنبات في عقول وقلوب أبناء الأمة، والحمد لله ستبلغ تلك الشجرة الوارفة يوما تمامها بإذن الله، وسيتكرر التاريخ بنظام يجود به نور الإسلام من جديد تحت راية الخلافة، ويومئذ تأمن المعمورة وتنعم بالعدل في عناية الله ورعايته. ويومئذ تغمر المؤمنين السعادة بعون الله.


يا خير أمة أخرجت للناس:


انتهضي بشعار إنما البشرى لي، والنصر لي، وأن الغد بلا ريب لي، ولتعملي في سبيل نوال وعد الله. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الروم: 4-5]


أراد الكافر المستعمر أن يشفي غل مئات السنين من المسلمين، فلا جرم أن قام بالتواطؤ مع الأوكار الملوثة لهدم الخلافة وإقامة نظام جمهوري علماني مكانها. وكما قاموا ذلك الوقت مستخدمين كافة الدسائس باجتثاث تلك الشجرة الوارفة التي أظلتنا قرابة 1300 سنة، فإنهم يحاولون اليوم بكل ما أوتوا من مخططات الشر أن يعملوا على منع بعث الحياة في تلك الشجرة العظيمة كما كانت، فتعود إلى مكانتها بيننا. ولذلك فهم لا يزالون يحاولون البقاء بالاستمرار في الاقتيات على دماء المسلمين عن طريق إدامة استعمار بلاد الإسلام بإيجاد الفتن خلالها.


أيها الكفار المستعمرون:


لقد اجتهدتم طوال الوقت في إخفاء وجهكم الحقيقي بالتستر خلف دعاوى بعيدة كل البعد عن قضية الإخلاص، متمثلة في كذبة الديمقراطية وخديعة حقوق الإنسان، ولكن جهودكم ذهبت أدراج الرياح، لقد مضى على سقوط أقنعتكم وقت طويل، وإن أمة الإسلام لتعلم حق العلم حقيقة نواياكم وتصرفاتكم ذات الوجهين.


لقد كان أسلافكم فيما مضى يحقرون أصحاب رسول الله، تماما كما تفعلون أنتم اليوم بالمسلمين. فحينما كان الصحابة وهم ثلة قليلة يُسمعون المشركين ما كانوا يعزمون عليه من إظهار حكم الإسلام على أقاصي المعمورة، كان أولئك المشركون يهزأون بهم ويستصغرون شأنهم. كانوا يسخرون من الصحابة فيقولون: انظروا إلى هؤلاء الملوك الذين سيرثون ممالك كسرى وقيصر! ولقد رفع الصحابة الذين سخر منهم أسلافكم راية لا إله إلا الله خفاقةً فوق أسوار ممالك كسرى وقيصر. وبإذن الله سيرفع أبناء هذه الأمة التي تحقرونها اليوم وتهزأون بها راية الإسلام خفاقة فوق حصونكم العصية التي ظننتم أنها مانعتكم، وفوق قصوركم المنيفة المبهرجة. ستحل بكم قارعة ما كنتم تحذرون، وسيكون المؤمنون الأعلين وستكونون أنتم الأذلين.


أيها الحكام الذين صموا آذانهم عن صريخ هذه الأمة واستغاثاتها! لدينا ما نقوله لكم كذلك:


ألا يزعجكم ولو قليلا أنكم جزء من خطط الكافر المستعمر؟! انطقوا لوجه الله! ألن تنصروا قيمنا ومقدساتنا ومنها الأرض التي أسري برسول الله ﷺ إليها ثم عرج به إلى السماء منها؟ ألا يكفي لدفعكم إلى التحرك دماءُ الشهداء واستغاثات الأمهات ودموع الأطفال وصريخ النساء؟! انطقوا! لم أنتم صامتون لا تلوون على شيء؟ لم ومم تخافون؟! ماذا أنتم منتظرون حتى الآن؟! أتخافون من أنظمة الكفار التي هي أوهى من بيوت العناكب؟ إذن فاعلموا أن أوهن البيوت لبيت العنكبوت. هلم انتهوا عن الاستضاءة بنار الفتنة التي أوجدها الكفار، واعلموا أن نور الإسلام القادم لا محالة سيطفئ نار الفتنة التي أوقدوها.


وإليك يا أخي الذي تعمل للخلافة رغم الكريهات:


إنه مهما يكن الرويبضات من حكام بلاد الإسلام قد خانوك ولم يألموا لألمك مرة إلى هذه الساعة، فلا تحزنن ولا تتراخيَنَّ، لأن أقوى أسلحتك التي تبقيك صامدا أمام الظلمة والمؤامرات المتنوعة، لا شك هي صيحات “الله أكبر” التي تتعالى من صميم إيمانك. وإنه كلما حاك الكفار خطط الشر، تعالت صيحاتك “لبيك اللهم لبيك” فثبطتهم وأحبطت خطط مراكز الشر. وإن تطلعك للنصر وعدم تسليمك للظلمة قد أشابا رؤوس الكافرين.


ويا أخي حامل الدعوة:


إن صرختك التي عمت السماوات واهتزت لها الميادين: الأمة تريد خلافة إسلامية، قد أرقت عيون الكافر المستعمر.


يا أخي الذي يصل ليله بنهاره يدفعه حب الخلافة:


اشحذ عزيمتك لإقامة الخلافة وفتح روما، كما شحذ السلطان محمد الفاتح عزيمته لفتح إسطنبول.


وكن مطمئنا يا أخي! فإن وعد الله لا جرم حق وواقع. وسوف يأتي اليوم الذي يُغلب فيه الكفار وأعوانهم، ويومئذ يُنصر الواثقون بوعد الله الذين يبتغون العزة والشرف لديه. ولن يقف في وجه ذلك لا الكفار ولا عملاؤهم المحليون.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله إمام أوغلو

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة