الخلافة وحدها هي التي توجد التغيير الحقيقي*

 

 

إن التغيير سنة الحياة عامة في الكون والمخلوقات؛ فالأرض تحيا بالقطر والغيث بعد موات، والليل والنهار يتعاقبان نور وظلام، وكذلك المجتمعات والأمم والشعوب تنتقل من الانحطاط والتخلف، إلى الازدهار والتقدم، ومن الضعف إلى القوة. كما يحدث التغيير من الازدهار والقوة إلى التخلف والضعف. وقانون التغيير الذي بينه الله عز وجل في كتابه هو سنة ثابتة لا تتغير ولا تتخلف، يقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، فإن تمسكوا بدينه ومنهجه الذي أنزله على رسوله ﷺ كما فعل الأولون من أصحابه ﷺ والتابعين وتابعيهم بإحسان، كان النصر والتمكين، وإن بعُد الناس عن منهج الله وعن طريقه المستقيم كان الانحطاط والتخلف والضعف والهوان، وهذا هو حال الأمة اليوم بعد أن تركت منهج ربها في الحكم والسياسة والاقتصاد وغيرها، واتبعت أهواء المغضوب عليهم والضالين، فبدأت تتخبط وتطلب التغيير لحالها البائس على المنهج نفسه، الذي أوصلها إلى هذا الانحطاط والتخلف، ولكن الأمة الإسلامية هي أمة الخير، والخير فيها لا ينقطع، والعقيدة الراسخة في القلوب والنفوس تدفع الأمة للتغيير.

 

ولكن التغيير أيها الكرام الذي يغير هذه الحياة الضنكا إلى حياة الطمأنينة، لا يكون بالمدنية أو العسكرية في ظل الأنظمة الوضعية التي تجعل فصل الدين عن الحياة عقيدة تنطلق منها. إن التغيير الحقيقي لا يكون إلا بمنهج الإسلام القويم، يقول الله عز وجل: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا,يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾، ومنهج الله وأحكامه لا يطبق إلا في ظل دولته التي حددها الرسول ﷺ بأنها خلافة: «كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم» متفقٌ عليه.

 

فالخلافة وحدها هي التي تغير حال الأمة التغيير الحقيقي المنشود بالآتي:

أولاً: الخلافة هي التي توحد المسلمين في كيان واحد باعتبار أن الخلافة رئاسة عامة للمسلمين في الدنيا، لأن المسلمين أمة واحدة، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ، وقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾.

 

ثانياً: الخلافة ستغير الدساتير والقوانين الوضعية التي أشقت الأمة الإسلامية، بل والعالم أجمع ليكون الدستور وسائر القوانين أساسها كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الذي علته علة شرعية، لتعم الرحمة الأرض، يقول الله عز وجل: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.

 

ثالثاً: الخلافة وحدها التي توقف تدخل الكفار المستعمرين في شئوننا، لا كما هو حادث اليوم، ولن تسمح لرعايا الدولة أفراداً كانوا أو جماعات بالتواصل مع الكفار وسفاراتهم، أو جعل علاقات معهم، لأن العلاقة بالدول ستكون محصورة فقط بالدولة وحدها.

 

رابعاً: الخلافة هي التي ستحمي رعاياها من أن تنتهك حرماتهم، أو تراق دماؤهم بغير حق، يقول النبي ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ». فقد أجلى النبي ﷺ يهود بني قينقاع من المدينة لمحاولتهم كشف عورة امرأة مسلمة، وسيّر الخليفة المعتصم جيشاً من أجل امرأة استغاثت به في بلاد الروم.

 

خامساً: الخلافة وحدها التي تعيد الأقصى وبلاد المسلمين المحتلة عبر الجهاد، بل ستقوم بفتح روما وبقية بلاد الكفار، تحمل إليهم النور والهدى، وتخرجهم من ظلمات الكفر وجور الرأسمالية إلى نور الإسلام وعدله.

 

سادساً: الخلافة ستقضي على الفقر بتوجيه ثروات الأمة المنهوبة اليوم بواسطة الكفار المستعمرين عبر الحكام الرويبضات في بلاد المسلمين، توجيه هذه الثروات إلى خدمة الإسلام والمسلمين، فالإسلام وحده الذي يضمن الحاجات الأساسية لكل أفراد الرعية؛ من مأكل وملبس ومسكن، ويضمن حاجات الجماعة من الصحة والتعليم والأمن، وكل ذلك بأحكام الإسلام التي جاء بها الوحي من لدن اللطيف الخبير.

 

سابعاً: ستعيد الخلافة للأمة عزتها المفقودة، وكرامتها المهدرة، لأنه لا عزة للمسلمين إلا بالإسلام، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾، ويقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إنا قوم أعزنا الله بالإسلام، فلن نبتغي العزة بغيره“.

 

ثامناً: بالخلافة تعود خيرية هذه الأمة التي قال الله سبحانه وتعالى فيها: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، وتكون هذه الخيرية بقيام الأمة عبر دولة الخلافة بواجب حمل الدعوة الإسلامية للعالم بالدعوة والجهاد.

 

تاسعاً: بالخلافة تتغير خريطة العالم، ويتغير وجه التاريخ، فالخريطة السياسية في عالم اليوم يسيطر عليها الغرب الكافر المستعمر وبخاصة أمريكا، التي تفرض قيمها وسياستها على العالم أجمع، وهي سياسات باطلة حساً وعقلاً وواقعاً، وهي التي أشقت عالم اليوم بما فيه عالمنا الإسلامي، ستتغير هذه الخريطة لمصلحة دولة الإسلام؛ الخلافة، لأن الأساس الذي يقوم عليه مبدأ الإسلام العظيم عقيدة التوحيد التي تقنع العقل وتوافق الفطرة، وتملأ القلب طمأنينة، هذه الطمأنينة التي يفتقدها عالم اليوم فيدخل الناس في دين الله أفواجاً، وتدين البلاد لدين الحق ومبدأ الإسلام، فتصبح دولة الخلافة هي الدولة الأولى كما كانت قبل سقوطها زهرة الدنيا، فيتغير وجه التاريخ فيعود مشرقاً بعد ظلام، وعادلاً بعد ظلم.

 

ختاماً نقول: إن الخلافة صارت أشواق الأمة، يتوق إليها كل مسلم، ويتمنى قيامها كل مخلص غيور على الإسلام وأحكامه، وحزب التحرير الذي نذر شبابه أنفسهم من أجل استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، يعملون مع الأمة وبينها، من أجل هذا الفرض العظيم، يصلون ليلهم بنهارهم لا يضرهم من خالفهم.

فيا أهل كردفان، ويا أهل الأبيض، إنا ندعوكم للعمل مع حزب التحرير، ونصرة شبابه حتى تقوم الخلافة على منهاج النبوة، فهي فرض ربكم ومبعث عزكم، وهي الضمانة الوحيدة للتغيير الحقيقي المنشود. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾.

 

#أقيموا_الخلافة             #الخلافة_101              #ReturnTheKhilafah                  #YenidenHilafet

 

* هذه ورقة قدمها إبراهيم عثمان (أبو خليل) الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان في ندوة بمدينة الأبيض شمال كردفان في 22 رجب 1443هـ

 

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة