التغيير على أساس الإسلام.. فكرة، فقناعة، فعمل، فحركة جارفة
في أوائل الخمسينات لم يكن عامة المسلمين يصدقون أن بإمكانهم العودة إلى الخلافة الإسلامية، أو إعادة إقامتها، ولم يكونوا يفهمون عبارة (العودة إلى الإسلام) إلا العودة إلى العبادات والأخلاق، فكان طغيان الأفكار الاشتراكية والقومية والوطنية عارماً، وكان يشاع أن الإسلام رجعية، وما لبثت تلك الأفكار أن انحدرت وتخلص العالم الإسلامي من أوحالها، وبفضل الله وتوفيقه ثم بفضل العاملين بوضوح وتصميم وجدت في الأمة فكرة إقامة الدولة الإسلامية، ثم بشكل محدد أكثر (دولة الخلافة الإسلامية). وتقلبت الظروف وتحولت فكرة إعادة الخلافة إلى قناعة فعمل فحركة جارفة نحو صحوة إسلامية، وصارت الدول الغربية الكافرة ترتعد من عودة الإسلام إلى حلبة الصراع الدولي، وصاروا يحاربون دعاة الإسلام بأنهم متطرفون وإرهابيون وأصوليون، وبلغ من شدة خوف الأنظمة من فكرة الخلافة، وعودة الخلافة، وحزب التحرير، أن اضحى جرم توزيع نشرة من نشرات حزب التحرير كفيلاً بوضعك بالسجن لمدة 3 سنوات في الأردن، وأكثر من 10 سنوات في تركيا، ووضعك تحت التراب في أوزبيكستان، وكفيلة بإعدامك في ليبيا زمن المقبور القذافي، هذا فقط توزيع نشرة فما بالك بأعمال سياسية أخرى يقوم بها الحزب!
وبلغ من هلع الأنظمة المارقة من هذا الحزب والدعوة التي يمثلها أن تغلق مدناً كاملة بمداخلها ومخارجها لمنع تجمع أو ندوة يقوم بها الحزب كما شهدنا في السابق، وكان أبناء المسلمين الذين يذهبون إلى بلاد الغرب يُفتنون بحضارة الغرب وأنظمته، أما اليوم فإنهم صاروا يلمسون خداع الغرب وفساد حضارته وعداوته للإسلام، ما جعلهم يتمسكون بإسلامهم وينشطون في العمل من أجل عودة الخلافة.
فردة فعل الغرب العدائية للعالم الإسلامي تبين مدى مخافة أن تقوم الدولة الإسلامية فتنتشر فتتعرض مصالح الغرب للخطر الشديد، فالانقلاب الفكري الشعوري الذي يشهده العالم الإسلامي أحدث تأثيرا في الساحة الدولية، وقد أظهر هذا التأثير إعلان الغرب الكافر على لسان قادته ومفكريه بأن الإسلام قد أصبح هو العدو رقم واحد، فالغرب الكافر ينظر للإسلام كحضارة وكدولة تقوم على أساسه، وعلى ضوء إدراك الغرب لحقيقة الواقع الذي أصبحت عليه الأمة والمجتمع في العالم الإسلامي، قام برسم سياساته ووضع خططه وأساليبه لمواجهة هذا المد، ومنها الاحتلال العسكري لمنطقة الخليج، وإقامة القواعد المتقدمة، ووضع الخطط الأمنية لإضعاف المنطقة اقتصاديا وعسكريا، والتسريع في عقد معاهدات الاستسلام بين الدول العربية وكيان يهود في فلسطين، وإشعال الحروب والفتن الطائفية، وتمييع قضية المسلمين المصيرية، وإعلان الحرب في كل مكان على الإسلام والمسلمين.
كل ذلك للحيلولة دون أي تحرك إسلامي في المنطقة، فهذه دلائل على أن الأمة الإسلامية قد قطعت المراحل الأولى في مرحلة التغيير والعودة إلى الخلافة، ولا شك أن الطريق إلى النهوض والانعتاق من التبعية سيمر بمراحل من المآسي والمخاضات العسيرة، فالأمة الآن بمختلف أحزابها وحركاتها الإسلامية وبمختلف مذاهبها تتحرق لرؤية راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ترفرف فوق ربوع العالم الإسلامي، وقد وصل الحال في بعض هذه الحركات أنها قررت إقامة الخلافة والحكم بما أنزل الله ولو باستعمال السلاح كما وصل الحال بأمريكا أن تستبق قيام الخلافة بمحاولات استخباراتية بإقامتها عن طريق تنظيمات مخترقة، أو استغلال انعدام الوعي السياسي والمشروع الفكري الناهض لدى تلك التنظيمات لتشويه الخلافة في أذهان المسلمين.
إن المدقق في واقع الأمة والمجتمع في العالم الإسلامي اليوم، يدرك أن حملة الدعوة الإسلامية قد نجحوا بحمد الله تعالى وتوفيقه في إيجاد الرأي العام المنبثق عن وعي عام عند الأمة على الإسلام وفكرة الخلافة وتطبيق الشريعة، وتوحيد العالم الإسلامي في دولة واحدة.
ولقد جرت سنة الله تعالى الإلهية بنصر من ينصره، وقد وعد الله تعالى، ووعده الحق بنصر المؤمنين واستخلافهم والتمكين لدينهم، ومن كان الله ناصره فلا غالب له. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الإله محمد – ولاية العراق